ما هو جزاء المتقين كما ورد في سورة النبأ

1 إجابات
profile/بيان-محمد-الحبازي
بيان محمد الحبازي
بكالوريوس في المصارف الاسلامية (٢٠١٦-٢٠٢٠)
.
٢٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات

قال الله تعالى في سورة النبأ: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36))

ففوز المؤمن يكون بتقواه، أن يتقي الله في السر والعلن ومع جميع الخلق، بأن ينظر بنور الله ويستشعر وجود الله في سائر معاملاته وأخلاقه، فأخبر الله تعالى المؤمنين أن جزاء من اتّقى منهم الفوز، والفوز في هذه الآيات بمعنى نجاح المؤمن وفلاحه في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يكون جزاءه بتوفيق الله عز وجل له، ثم في الآخرة يكون جزاءه استحقاق الجنة والنجاة من النار، بإذن الله.

ثم يأتي الله -سبحانه وتعالى- على وصف الجنة، فيخبر المتقين أن لهم من الله في جنته (حَدائِقَ وَأَعنَابا)، حيث إن أكثر ما يسرّ الإنسان وجوده في المكان الجميل، الهادئ، المليء بالأشجار والنباتات والأزهار، والأنهار، والحقول، وجميع الأصناف من الفواكه والأكل الذي يشتهيه الإنسان في حياته، ليكون ذلك دافعًا له لتقوى الله تعالى والفوز بجنته في الآخرة.

ومن صفات الجنة وحلاوتها ما ذكره الله عز وجل في قوله تعالى: (وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا)، والكواعب هو وصف لنساء الجنة، فوصفهن الله تعالى بصفات مميزة يحبها الرجال، ولذلك جزاء لهم على إيمانهم وتقواهم في الدنيا.
أمّا معنى أترابًا، فهي أيضًا صفة مميزة لنساء الجنة وهي أن لهن سنًّا واحدة، أي أعمارهن متساوية في الجنة ولا فرق بينهن في العمر، حتى لا تحزن إحداهن لأن الأخرى أصغر منها في السن.

ومن صفات الجنة قوله تعالى: (وَكَأْسًا دِهَاقًا)، أي من مميزاتها أن فيها كؤوسًا ممتلئة من جميع ما تشتهي نفس الإنسان.

قال الطبري في تفسيره:
وقوله: (وَكَأْسًا دِهَاقًا) يقول: وكأسا ملأى متتابعة على شاربيها بكثرة وامتلاء، وأصله من الدَّهْق: وهو متابعة الضغط على الإنسان بشدّة وعنف، وكذلك الكأس الدهاق: متابعتها على شاربيها بكثرة وامتلاء.

ومن صفات الجنة للمتقين، قوله تعالى: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا)، بمعنى أن المتقين لا يسمعون في الجنة اللغو والباطل من الكلام، كما هو في الدنيا، ولا يسمعون الكذب من الكلام ولا الزور.

قال الطبري في تفسيره:
وقوله: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا) يقول تعالى ذكره: لا يسمعون في الجنة لغوا، يعني باطلا من القول، ولا كذّابًا، يقول: ولا مكاذبة، أي لا يكذب بعضهم بعضا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

وذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (لغْوًا وَلا كِذَّابًا) قال: باطلا وإثمًا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا) قال: وهي كذلك ليس فيها لغوٌ ولا كذَّاب.


وقوله تعالى: (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا)، أخبر الله تعالى أن ذلك النعيم هو جزاءه للمتقين المؤمنين الصابرين في الدنيا، فكافئهم على أعمالهم بنعيم الآخرة والفوز بجنات الخلد.