ما هو تفسير قوله تعالى (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ)

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٠٦ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
هذه الآية هي الآية رقم (75)من سورة "ص" ، وقد جاءت الآية في ختام السورة الذي تطرق إلى ذكر طرفاً من بدء الخلق وقصة ىدم مع إبليس .

فبعد أن ذكر سبحانه أنه أخبر الملائكة - وكان إبليس في ذلك المقام معهم وإن لم يكن منهم - أنه سيخلق بشراً من طين ، وأنه أمرهم إذا تم هذا الخلق ونفخ فيه الروح وصار حياً أن يسجدوا تكريماً له ، أطاعت جميع الملائكة هذا الأمر وسجدت لآدم عليه السلام ، إلا إبليس والذي كان مأموراً بالسجود معهم رفض الامتثال لأمر الله والسجود.

فخاطب الله إبليس بهذه الآية وهو سبحانه أعلم بما نفسه ولكنه أراد أن يظهر مكنونه ليقيم عليه الحجة ويكون عبرةً لمن يعتبر من بعده فقال سبحانه لإبليس ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي

يعني ما الذي حملك على عدم الخضوع والامتثال لهذا الأمر بالسجود لآدم ،مع أني خلقته بيدي الكريمتين .

وفي هذا إشارة إلى استحقاق آدم هذا السجود لأن الله أكرمه بأن خلقه بيديه بينما باقي المخلوقات من الملائكة والجن خلقهم بأمره وليس بيديه سبحانه ،وهذا فيه تشريف لآدم عليه السلام ودلالة على عظيم قدره .

وأهل السنة والجماعة يؤمنون أن الله خلق آدم عليه السلام بيديه على وجه الحقيقة بكيفية لا نعلمها بل نفوضها إلى الله ، ولا نؤول اليدين بالقدرة ونحوها .

ثم يوبخ الله إبليس على فعله فيسأله سؤالاً استنكارياً موبخاً ومقرعاً له ( أستكبرت أم كنت من العالين) ؟!

يعني أن هذا الفعل ليس لك فيه عذر فيه إلا أحد هذين الأمرين : 

-إما استكبارك على آدم واحتقارك له رغم أن الله كرمه فخلقه بيديه وهذه معارضة لأمر الله.
- وإما كونك من قبلك من العالين : يعني أنك في قلبك مرض الكبر والتعالي والغرور، فليست المسألة فقط آدم وإنما أنت عند مرض العلو والكبر حتى بلغ بك التكبر على ربك ورفضك أمره

وسواء كان هذا أو هذا فأنت مستحق للعنة والطرد من رحمة الله إلى يوم الدين !

والله أعلم