أولا : هناك ثلاثة أمور وردت الشريعة أنها توسوس للإنسان بالشر وعليه الحذر منها :
1. النفس : قال تعالى " ولقد خلقنا الإنسان وتعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ( ق ، 16 )
وجاء في الدعاء الذي هو من أذكار الصباح والمساء " اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه " .
2. الشيطان : كما قال الله عنه في حق آدم " فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " ( طه ، 120 ) .
3.الإنس : كما قال تعالى في سورة الناس " الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس " .
ثانيا: أما كيفية التمييز بين وسوسة النفس وسوسة الشيطان فالأصل في ذلك أن النفس تطلب من صاحبها ما فيه شهوة لها وتحقيق هواها فوسوستها في الغالب في باب تحقيق شهواتها ، أما وسوسة الشيطان فهي في الإضلال بشكل عام سواء كانت في باب الشهوات أو الشبهات ، فغاية الشيطان الإضلال والغواية في الأصل من أي باب جاءت ،وغاية النفس تحقيق مصلحتها وشهوتها من أي جهة جاءت .
ويمكننا توضيح هذا الفرق في النقاط التالية :
1. وسوسة النفس أساسها تحقيق شهوتها وملذاتها وقد يكون مبدئها بالحلال وهذا لا محذور فيه ، ولكن المحذور هو في الاسترسال معها فالمعصية تأتي تبعاً ، أما وسوسة الشيطان فأساسها وغايتها المعصية والضلال وتحقيق شهوة النفس وسيلة إلى ذلك ، فشهوة النفس في وسوسة النفس غاية بينما هي في وسوسة الشيطان وسيلة .
2. بناء على النقطة السابقة ، فالنفس توسوس بلذة أو معصية معينة لأن مصلحتها فيها وليس غايتها الانتقال من معصية لأخرى ، أما وسوسة الشيطان فهي تركز على الغواية فتجدها سريعة الانتقال من معصية لأخرى إذا لم يجد استجابة للنفس معها فلا تركز مع معصية معينة بقدر تركيزها على الانتقال بين المعاصي .
3. وسوسة الشيطان تنقطع في الغالب بالاستعاذة وذكر الله لذهاب سببها وهو الشيطان، بينما وسوسة النفس تحتاج إلى مجاهدة شهوات النفس وعدم الانجرار وراءها .
4. وسوسة النفس تركز أكثر على باب الشهوات ،وسوسة الشيطان تشمل باب الشبهات والشهوات .
قال ابن تيمية رحمه الله " وقد ذكر أبو حازم في الفرق بين وسوسة النفس والشيطان فقال: ما كَرِهَتْه نفسُك لنفسك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه، وما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فانهها عنه " .
والله أعلم