ما هو الرأي السائد بالنسبة لمشروعية تجسيد الأنبياء في الأعمال الدرامية وهل تجوز مشاهدة هذه الأعمال كمسلسل يوسف الصديق مثلا

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٩ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 لا يجوز تمثيل الأنبياء أو تجسيد شخصياتهم في المسلسلات والأفلام باتفاق المعاصرين من أهل السنة والجماعة، وبناء على ذلك فلا يجوز مشاهدة الأفلام والمسلسلات القائمة على حكاية وتمثيل الأنبياء، ومنها مسلسل النبي يوسف عليه السلام.

لأن مشاهدة مثل هذه المسلسلات والأفلام بعد معرفة حرمتها هو من إقرار المنكر والسكوت عليه والرضا به، والواجب هو مقاطعة هذه الأفلام والمسلسلات والنهي عنها ومقاطعة أصحابها لا الترويج لها ومساعدة أصحابها بمشاهدتها وأقل درجات إنكار المنكر هو الإنكار القلبي ولا شك أن الرؤية والمتابعة تتناقض مع ذلك.

وقد صدرت الفتاوى المعاصرة من عدة جهات حول هذا الموضوع منها المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، واللجنة الدائمة للإفتاء، لجنة البحوث الإسلامية التابعة للأزهر.

جاء في قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته العشرين المنعقدة بمكة ما يلي:

" تأكيداً لقرار المجمع في دورته الثامنة المنعقدة عام 1405 هـ الصادر في هذا الشأن، المتضمن تحريم تصوير النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسائر الرسل والأنبياء عليهم السلام والصحابة رضي الله عنهم، ووجوب منع ذلك.
ونظراً لاستمرار بعض شركات الإنتاج السينمائي في إخراج أفلام ومسلسلات تمثل أشخاص الأنبياء والصحابة، فإن المجمع يؤكد على قراره السابق في تحريم إنتاج هذه الأفلام والمسلسلات، وترويجها والدعاية لها واقتنائها ومشاهدتها والإسهام فيها وعرضها في القنوات، لأن ذلك قد يكون مدعاة إلى انتقاصهم والحط من قدرهم وكرامتهم، وذريعة إلى السخرية منهم، والاستهزاء بهم.
.."

وهذا التحريم والمنع له علل وحكم منها:

1. أن مقام الأنبياء مقام عظيم له هيبته وحرمته التي لا يجوز تعديها أو مسها أو الحط منها أو التنقص منها بأي شكل، وإن مثل هذا التمثيل يتناقض مع هذه الهيبة والمقام الجليل للأنبياء.
فإنه مهما بلغ إتقان الممثل لدوره كيف له وهو ممثل يحاكي محاكاة أن يصل إلى مقام نبي مؤيد من ربه؟! كيف له أن يدعي أنه يمثل دور نبي يوحي إليه من الله؟!

ثم أليس في ربط صورة النبي الغائبة التي لها هيبتها وحرمتها بشخصية هذا الممثل ودوره وأدائه أليس فيها حط أو تنقص ولو بوجه ما من هيبة النبوة وإجلالها؟!

2. اعتاد الناس نقد ما يسمى بالعمل الفني، وهو وإن كان ينصب على أداء الممثل ولكنه سيفتح الباب بطريقة أو أخرى إلى التكلم على العمل الفني وقد يفتح الطريق أمام انتقاد الناس لمشهد أو لآخر حتى يصلوا إلى انتقاد الأنبياء وفعلهم ولو على سبيل الدعابة والفكاهة!

والفيلم له سيناريو ومخرج وهذا السيناريو قد يتنقد بشكل أو آخر، فيقال لو كان المشهد كذا لكان أفضل وهذا سيفتح الباب إلى الاقتراح على الأنبياء بحيث يصبح الناس حكاماً على حياة الأنبياء ومواقفهم.

3. هذه الأفلام ستحول حياة الأنبياء ودعوتهم من سيرة وقصة عطرة لها قدسيتها إلى مجرد عمل فني قابل للنقد!

4. في حياة الأنبياء مواقف رئيسة ومحكات لا يتصور أن يتجرأ عليها مثل الوحي من الله والمعجزات التي هي أمر خارق للعادة لا يقدر عليه إلا الله.

وما ذكرناه من مفاسد وعلل قد ينضاف إليه ما نجده في أغلب الأفلام والمسلسلات وما يسمى بالأعمال الفنية من تمثيل الماجنين غالباً دور الأبطال واختلاط النساء بالرجال وغير ذلك من المنكرات المتفق عليها.

والله أعلم