الدعاء هو ما رواه الصحابي الجليل صهيب الرومي رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلاَّ قَالَ حِينَ يَرَاهَا: (اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضِينِ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ،
فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا)
- والحديث صحيح: رواه النسائي في السنن الكبرى، والحاكم في المستدرك. وحسنه الشيخ إبن باز والشيخ الألباني رحمهم الله تعالى.
- وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن استعمال هذا الدعاء عند دخول المدن، هل هي مثل القرية، فأجاب: " كلها واحد، المدينة والقرية، وتسمى المدينة قرية، قال تعالى: (ولتنذر أم القرى): وهي مكة .
- أما شرح الحديث :- فقوله صلى الله عليه وسلم: "
اللهم رب السموات السبع وما أظللن " : اشتمل على توحيد الربوبية وهو أن الله تعالى رب السموات السبع وما أظلت تحتها من النجوم والكواكب والمجرات والشمس والقمر والأرض وما عليها. وهو بيان أن عدد السموات سبع.
- وقوله: "
وما أظللن " من الأظلال: أي: ما ارتفعت عليه وعلت وكانت له كالظلة..
- وقوله: "
ورب الأرضين السبع وما أقللن " من الإقلال، والمراد: ما حملته على ظهرها من الناس والدواب والأشجار وغير ذلك . وهذا يدل على أن عظمة السماء أكثر من عظمة الأرض لما فيها من مخلوقات عظيمة جداً .
- وقوله : "
ورب الشياطين وما أضللن " من الإضلال، وهو الإغواء والصد عن سبيل الله، قال الله تعالى: ( إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا) النساء /117-120
- وهذا بيان من النبي صلى الله عليهم أن هناك عدد كبير من الشياطين وليس شيطان واحد، وأن دورهم الرئيسي هو إضلال الناس وصدهم عن عبادة الله تعالى.
- فإذا علم العبد الفقير والضعيف عظمة الخالق سبحانه وتعالى، أنه رب كل شيء ومليكه، وأنه سبحانه بكل شيء محيط، وأن قدرته سبحانه شاملة لكل شيء، ومشيئته سبحانه نافذة في كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، حينها عرف ضعفه وحاجته إلى خالقه في تدبير أموره وقضاء حوائجه.
- وقوله صلى الله عليه وسلم: "
ورب الرياح وما ذرين " :
فهناك فرق بين الريح والرياح: فالريح غالباً تأتي للعذاب، بينما الرياح غالباً تأتي بالبشريات والخيرات وتلقيح الأزهار والثمار. ومنه قوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) سورة الحجر (22)
- وقال تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا) سورة الكهف 45
- ومعنى تذروه : اي تفرقه بعد جمعه.
- وقوله صلى الله عليه وسلم: "
فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها " ، هو دعاء وسؤال الله تعالى بأن يجعل البركة في هذه القرية، فيمنحها البركة، وأن ييسر لأهلها السكنى فيها بالسلامة والعافية. "
وخير أهلها " أي : ما عندهم من الإيمان والصلاح والاستقامة والتعاون على الخير ونحو ذلك ، " وخير ما فيها " أي : من الناس والمساكن والمطاعم وغير ذلك.
- وقوله: "
ونعوذ بك من شرها وشر أهلها، وشر ما فيها " فيه تعوذ بالله عز وجل من جميع الشرور والمؤذيات، سواء في القرية نفسها أو في الساكنين لها ، أو فيما احتوت عليه .
- المصدر: (
موقع الإسلام سؤال وجواب)