حياكم الله، ليس هناك ما يسمّى بالأديان الإبراهيمية، وإنما هناك دين واحد؛ وهو دين الإسلام، وهو دين جميع الأنبياء من لدن آدم -عليه السلام- إلى خاتم الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإنما الاختلاف بينهم هو في الشرائع العملية، فقط أما العقيدة فهي توحيد الله -تعالى- لكل الأقوام والأزمان.
قال الله -تعالى-: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا)، "سورة الشورى: 13" كما قال -تعالى-: (وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ إِلّا نوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدونِ). "سورة الأنبياء: 25"
إذ إنّ الدين والعقيدة والتوحيد الذي أرسل الله به الرسل واحد؛ وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وإفراده سبحانه في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وقد قال -تعالى-: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ). " سورة آل عمران: 19"
وأهل الكتاب من اليهود والنصارى دينهم الإسلام في الأصل، ولكنْ هُم من بدّل وغيّر وحرّف في دينه، فاليهودية الحقّة قبل التحريف والنصرانيّة الحقة قبل التحريف متطابقة في العقيدة والتوحيد مع الإسلام، وإنما الاختلاف بينهم في الشرائع والأحكام الفقهية؛ فقد يكون طعامٌ معينٌ مباحاً في شريعتنا وهو محرّم في شريعة موسى -عليه السلام- مثلاً.
قال -تعالى-: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)، "سورة المائدة: 48" وقد ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الأنبياءُ إخوَةٌ لعَلَّاتٍ: دِينُهم واحِدٌ، وأُمَّهاتُهم شَتَّى، وأنا أوْلى النَّاسِ بعيسى ابنِ مَريمَ)، "متفق عليه" ومعنى إخوة لعلّات هو أنهم أولاد أب واحد، بينما أمّهاتهم متعدّدات، فالأب -وهو العقيدة والتوحيد- واحد بينما الشرائع العملية متعددة.
وأنبهك إلى أن نسبة "الأديان الإبراهيمية" نسبة معاصرة غير صحيحة؛ فالأديان لا تنسب إلى إبراهيم -عليه السلام-، وإنما أطلقها أصحابها بدعوى الجمع بين اليهودية والنصرانية والإسلام، وهو أمر يرفضه أصحاب الديانات الثلاث.
هذا والله تعالى أعلم.