ما معنى ردغة الخبال في الحديث (ومن قال في مؤمن ماليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال )

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٦ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات

فقد صح عن النبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال؛ حتى يخرج مما قال". رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني.

 أما شرح الحديث:

- فقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن قال في مؤمنٍ ما ليسَ فيه)، أيِ: تحدث عنه كذباً وافتَرى عليه وذمَّه، وهذا يعتبر افتراء أن تقول كلاماً عن شخص ليس فيه ولم يقله، بينما لو كان فيه فيعتبر ذلك غيبة له، وفي كلا الحالتين لا يجوز التحدث عن الآخرين بهذه الحالات.

- أما قول النبي صلى الله عليه وسلم (أسكَنَه اللهُ رَدْغةَ الخَبالِ):

فالمقصود بكلمة (الردغة) هي الطين والوحل المثير.

- والمقصود بكلمة (الخبال) أي الفاسد.

- والمعنى العام لهذه الجملة: أن الله تعالى يعذب الذي يقول في الناس ما ليس بهم في النار ويكون مسكنه فيها عصارة أهل النار وصديدهم!!

- أما قوله صلى الله عليه وسلم:"حتَّى يَخرُجَ ممَّا قال"؛ أي حتى يَتوبَ ويَستَحِلَّ ممَّن قالَ فيه ذلك- يعني يطلب منهم المسامحة والغفران ويسامحوه-.
- وباب التوبة مفتوح لكل مذنب بشروط التوبة المقبولة وهي:

1- النية الصادقة والخالصة لوجه الله في التوبة.
2- الإقلاع عن الذنب فوراً.
3- الندم على فعل المعصية.
4- العزم الأكيد على عدم الرجوع للمعصية مستقبلاً.
5- رد المظالم إلى أهلها إن وجدت - وفي هذه الحالة عليه أن يطلب المسامحة ممن افترى عليهم بكلام ليس فيهم.
6- أن تكون التوبة قبل الغرغرة وقبل طلوع الشمس من مغربها.
7- العمل الصالح الذي يدل على صدق التوبة.
 - وقد وردت جملة (طينة الخبال) في حديث صحيح آخر وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن على الله عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا وما طينة الخبال قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار) رواه مسلم
- وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم معنى: (طيلة الخبال) وهي: عرق وصديد وعصارة وقيح أهل النار.

- وعليه: فأخطر ما يهدد الإنسان هو لسانه إذا لم يصنه عن أعراض الناس، وبناء على ذلك جاء في وصية النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه بأن يكف عليه لسانه، ففي الحديث الصحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: (لقد سألت عن عظيمٍ، وإنه ليسيرٌ على من يسره الله تعالى عليه:

تعبدُ الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت)،
ثم قال: (ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّةٌ، والصدقـة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [سورة السجدة: 16].

ثم قال: (ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟) قلت: بلى يا رسول الله، قال: (رأس الأمر: الإسلام، وعموده: الصلاة، وذروة سنامه: الجهاد). ثم قال: (ألا أخبرك بمِلاك ذلك كله؟) فقلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: (كف عليك هذا)، قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: (ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم)؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. 

-وهذا يدل على خطورة اللسان وأنه يجب على الإنسان أن ينشغل بإصلاح نفسه وأهل بيته ولا يجلس يتكلم في أعراض الناس ويفتري عليهم بما لم يقترفوه من الأقوال والأفعال، فكثير من الناس من يفعل ذلك ضاناً أنه يتسلى وأن ما يقوم به أمر هيّن عند الله تعالى!!