ما معنى الفحشاء والمنكر وما الفرق بينهما

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٥ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
قال الله تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) سورة العنكبوت آية 45

المقصود بالفحشاء: كل مستقبح سواء كان فعلا أو قولا قبيحا، وقد قيل أن الزنا هو الفحشاء

فهو كل فحش من القول أو الفعل، وهو كل ذنب استفحشته الشرائع الدينية والفطر.

والمقصود بالمنكر: فهو كل ما تَحْكم العقول الصحيحة الواعية بقبحه، أو يقبحه الشرع أو يحرمه أو يكرهه.

بقول ابن العربي رحمه الله في تعريفه للفحشاء والمنكر:
أن الْفَحْشَاءُ الْمَعَاصِي، وَهُوَ أَقَلُّ الدَّرَجَاتِ، فَمَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنْ الْمَعَاصِي وَلَمْ
تَتَمَرَّنْ جَوَارِحُهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، حَتَّى يَأْنَسَ بِالصَّلَاةِ وَأَفْعَالِهَا أُنْسًا يَبْعُدُ بِهِ عَنْ اقْتِرَافِ الْخَطَايَا، وَإِلَّا فَهِيَ قَاصِرَةٌ.

والْمُنْكَرُ: هُوَ كُلُّ مَا أَنْكَرَهُ الشَّرْعُ وَغَيْرُهُ، وَنَهَى عَنْهُ

وبمعنى الآية هنا أن إقامة الصلاة وليس أدائها فقط، ينهى النفس عن الوقوع في الفحشاء أو المنكر، وإقامة الصلاة تختلف عن أدائها، فإقامتها تعني الصلاة بكامل الجوارح مع استحضار القلب والتدبر والشعور بكل كلمة أو آية يقولها المصلي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" نَفْسُ فِعْلِ الطَّاعَاتِ يَتَضَمَّنُ تَرْكَ الْمَعَاصِي، وَنَفْسُ تَرْكِ الْمَعَاصِي يَتَضَمَّنُ فِعْلَ الطَّاعَاتِ وَلِهَذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، فَالصَّلَاةُ تَضَمَّنَتْ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَهْيُهَا عَنْ الذُّنُوبِ. والثَّانِي تَضَمُّنُهَا ذِكْرِ اللَّهِ " انته


وتعريف قول الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، فحينما يتذكر المصلي وهو يشرع في الصلاة بأن هذه العبادة من أعظم وأجل العبادات ويتذكر عظمة الله تعالى ووجوب طاعته، ويتذكر بأن ما يفعله من الفحشاء والمنكر، كانت صلاته وقتئذ قد نهته عن بعض أفراد الفحشاء والمنكر "


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) وفي رواية: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي) رواه مسلم.

أما أداء الصلاة فهي أدائها كحركات ودون حضور القلب ودون تدبر وهذا فقط يبرئ من الكفر لكنه لا ينهى عن الفحشاء والمنكر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، إن العبد يقوم في الصلاة لا يكتب له منها إلا نصفها.. إلا ثلثها.. إلا ربعها.. إلا خمسها، حتى قال: إلا عشرها".

وقد قيل لابن مسعود: إن فلانا كثير الصلاة. قال: فإنها لا تنفع إلا من أطاعها. أي كلما كانت الصلاة خالصة يؤديها المسلم بخشوع كانت تنفع وتنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر.

ولأن الصلاة هي خضوع لله تعالى وتذلل وتضرع ولأنها تشتمل على ذكر الله تعالى وعلى أقوال وأفعال يتقرب بها العبد إلى ربه وهي سبب في وعظ المسلم عن ترك ما لا يرضي الله تعالى فهذا كله مما يصد وينهى عن الفحشاء والمنكر.

والخلاصة بأن: الفحشاء قد فسرت واختصت بالزنا، ولا شك أن الزنا قد اعتبرت من أفحش الفواحش التي حذر بها الشرع. كما أن الفحشاء ليست مقصورة على الزنا فقط

أما المنكر فقد فسر بشرب الخمر ولا شك بأن الخمر من المنكرات وهو أنكر المنكر وأخبثها وقد قيل في تفسير " الجبت " بأنه الشيطان، وقيل: الشرك، وقيل: الأصنام، وقيل: الكاهن، وقيل: الساحر. وقيل غير ذلك. كما أن المنكر ليس مقصورا على شرب الخمر،