ما صحة توزيع شعر النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابة وما هي الحكمة من ذلك

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
نعم صحيح فقد روي في كتب السيرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما حلق شعره قسمه بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
- فقد ذكرت في السيرة النبوية عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مني، فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس) متفق عليه

-وفي رواية أخرى: لما رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر فقال: احلق فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال: اقسمه بين الناس. وقيل أعطاه لأم سليم زوجة أبي طلحة.

- وفي رواية أخرى أنّه أعطى نصفه الأيمن لأبي طلحة خاصّة له، وأعطى نصفه الأيسر لأبي طلحة وقال «اقسمه بين الناس».
- وقد رجّح الشيخ ابن القيم أن الذي اختصّ به أبو طلحة هو الشقّ الأيسر.

- أما الحكمة من ذلك فتتجلى بالنقاط التالية:
أولاً: بيان استحباب أن يبدأ المسلم باليمين ومن ثم باليسار. في كل الأمور مثل  قص الشعر أو الدخول إلى البيت أو الأكل والشرب ولبس الثوب والنعل والوضوء  أو حتى عند تغسيل الميت وغيرها من الأعمال المشروعة.

ثانياً: جواز تخصيص الشيء في العطاء كون النبي صلى الله عليه وسلم خص أبا طلحة رضي الله عنه بشيء من شعره الأيمن فهذا يدل على أن من الناس من يختص بخصيصة يخص الله بها.
وإن كان في الصحابة من هو أفضل من أبي طلحة مثل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لكن فضل الله عز وجل يؤتيه من يشاء.

ثالثاً: جواز مشروعية التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم، وجواز اقتنائه فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتبركون بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وبعرقه وبثيابه وبوضوئه.

- كما يذكر في كتب السير بأن الصحابية أم سلمة رضي الله عنها كانت تمتلك شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت قد ضعتها في جلجل من الفضة تكريما لشعر الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان الناس إذا مرض عندهم مريض جاءوا إليها فصبت على الشعر ماء وحركته به ثم أعطته المريض فيشفى بإذن الله ببركة شعر النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعاً: المواساة التي أقرها النبي صلى الله عليه وسلم بين الأصحاب في العطية والهدية.
وننوه إلى أن المواساة لا تستلزم المساواة.

 خامساً: بيان فضل الحلق أو التقصير في الحج أو العمرة، والحق أفضل فمن حلّق فقد حلّق ومن قصّر فقد قصّ!

سادساً: ومن الحكمة من ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفتح مجالاً للشيطان ليوسوس للناس بعبادته وتأليهه والعياذ بالله.

- وخلاصة القول في هذا الأمر: أن هذا التبرك هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم سواء كان في جسمه أو ما مسه أو شعره، ووضوئه وعرقه صلى الله عليه وسلم.

ولا ينبغي لأحد أن يتبرك بغير النبي صلى الله عليه وسلم من الأولياء والصالحين أو زيارة قبورهم والذبح عندها وغير ذلك مما يفعله بعض الجهلة فهذا كله من الشرك بالله تعالى ولو كان هذا مشروعًا أو جائزًا مع غير النبي صلى الله عليه وسلم  لفعله المسلمين مع الصديق وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم وهم خير البشر بعد النبي صلى الله عليه وسلم. وحتى لا يكون ذلك وسيلة إلى الشرك والغلو، فلهذا منعه وحرمه أهل العلم.

والله أعلم.