هذا الحديث صحيح مشهور اتفق أهل العلم على صحته ، رواه الإمام مسلم في صحيحه وأبو داود في سننه وغيرهما .
ولفظه عند أبي داود : عنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ ، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ ).
أما ماذا يستفاد منه فأظنك تقصد لماذا فضل هذين الاسمين على غيرهما لأن معنى الحديث واضح وهو معرفة أحب الأسماء إلى الله تعالى وهي كما ذكر : عبد الله وعبد الرحمن .
ولعل السبب في تفضيل هذين الاسمين:
أنهما يدلان على أعظم صفات الرب سبحانه وهي الألوهية التي دل عليها اسم ( الله ) وصفة الرحمة التي دل عليها اسم ( الرحمن) ورحمته سبحانه سبقت غضبه.
فهذين الاسمين فيهما ثناء على الله وتعظيم له سبحانه ومدح له، وهما اللذان لم يطلقا على أحد غيره ولم يتسم به غيرهما حيث أنكرت العرب اسم ( الرحمن ).
وفي المقابل فإنها وصف للإنسان بأعلى مقاماته مع ربه وهو مقام العبودية، فالعبد كلما ازداد عبودية وذلاً بين يدي الله كلما ازداد قرباً منه سبحانه ،كما وصف الله نبيه في مقام الإسراء والمعراج بقوله ( سبحان الذي أسرى بعبده..).
فهذين الاسمين جمعا بين الثناء على الله بما هو أهله ووصف الإنسان بما هو أهله.
وقد ذكر بعض العلماء أنه لم يتم إضافة لفظ العبد إلى في القرآن إلا إلى هذين الاسمين ( عبد الله وعبد الرحمن ، كما قال سبحانه ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْد اللَّه يَدْعُوهُ ) وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى ( وَعِبَاد الرَّحْمَن ) .
وفي استحباب مثل هذه التسمية ونحوها من الأسماء الحسنة كأسماء الأنبياء والصحابة والسلف الصالحين ، والنهي عن الأسماء التي فيها قبح أو ذم فائدة أخرى : وهي أن الاسم دلالة على المسمى وعلامة عليه ، وجزء من ثقافة الإنسان وهويته ودينه لذلك وجب ان تكون نابعة منه .
ولما صرنا نعيش في هذا الزمن الهزيمة النفسية التي نشاهدها حتى صار الغرب هو قدوة لنا صرنا نرى حرص بعض الناس على التسمية بالأسماء الغريبة التي لا تمت إلى ديننا ولغتنا بصلة ، وإذا ذكرتهم بأسماء الصحابة قالوا هذا أسماء قديمة !
وقد ذكر بعض العلماء أن الاسم له تأثير في شخصية الطفل وتكوينه لذلك أمر الشرع بإحسانه وحرص عليه وجعله حقأً من حقوق الطفل على والديه وبراً واجباً على الوالد نحو ولده .
كما قال عمر لرجل جاء يشتكي إليه عقوق ابنه له فلما ذكر الابن أن أباه سماه ( جعلاً ) يعني خنفساء قال عمر للأب في ختام القصة : لقد عققته قبل أن يعقك !
وفي الحديث فائدة أخرى وهو أن الشرع كما يهتم بالباطن فإنه يهتم بالظاهر والتي قد يسميها الناس شكليات ، لأن الظاهر نابع من الباطن .
والله أعلم