ما تفسير (فزلينا بهم) في قوله تعالى (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون)

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٧ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 
المقصود بقوله تعالى: (فزيلنا بينهم) أي: ففرقنا بين المشركين بالله وما أشركوه به.
- قال الله تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ۚ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ۖ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ) سورة يونس (28).
-ومنه قوله الله تعالى: (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) سورة الفتح (25)
- أي لو انفصل أهل الإيمان عن أهل الكفر لنزل العذاب بأهل الكفر.
- أما التفسير التفصيلي لهذه الآية الكريمة:
- فقوله تعالى: (ويوم نحشرهم جميعاً) تحتمل ثلاثة معانٍ هي:

المعنى الأول: أن الله تعالى يحشر أهل الأرض كلهم من جن وإنس وبر وفاجر - حيث يحشر الأولين والآخرين ويجمعهم في أرض المحشر وهي بلاد الشام عامة وفلسطين خاصة.

المعنى الثاني: أن الله تعالى يحشر جميع المخلوقات -العباد والمعبودين- ويوجه إليهم هذا الخطاب وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ يعني يحشرهم وما يعبدون من دون الله.

المعنى الثالث: أن الله سبحانه وتعالى يبعثهم من قبورهم، ويجمع ما تفرق من أبدانهم في التراب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً، فترجع إليهم أبعاضهم وأجزاؤهم التي ذهبت في الدنيا، وتفرقت في التراب".

- أما قوله تعالى: (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ) أي أن الله تعالى يقول لهم يوم القيامة  هذا مكانكم فألزموه - أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ - والمقصود بالشركاء هنا: هم جميع المعبودات التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى. فقد أضاف الله تعالى هؤلاء الشركاء إليهم فقال (أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ).


-  أما قول الله تعالى: (فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ) أي فرقنا وفصلنا بينهم، فيسأل هؤلاء ويسأل هؤلاء، فيوجه الخطاب إلى المعبودين، ويتبرؤون من هؤلاء الذين عبدوهم. فيتبرأ كلاً منهم من الآخر!!
- والسؤال: كيف نجمع بين قول الله تعالى (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ) ثم يقول تعالى: (فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ)؟
- والجواب: أي فرقنا هنا بينهم في القول: أي بعد أن كانوا مجتمعين على شيء إذا بكلٍ منهم يلعن الآخر ويتبرأ منه ويكذبه ويقول له ما قلت لك اتبعني ولم أقل لك أعبدني من دون الله تعالى!

- وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ، بعض أهل العلم نظر إلى هذا المعنى وأنهم قالوا: إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ فقال: هذا في مثل عيسى - عليه الصلاة والسلام - وعزير والملائكة ومن عُبد من دون الله من الصالحين، فهم يتبرؤون منهم ويقولون: مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ، وكنا عن عبادتكم غافلين أصلاً.

- فكل معبود يتبرأ عندما يرى أهوال ذلك اليوم العظيم  فإنه يتبرأ من معبوده وعلى رأس هؤلاء الشيطان الرجيم كما قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) سورة إبراهيم (22)

- وقوله: (مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ) أي أننا لم نأمركم أن تعبوننا من دون الله.

-  ومما يستفاد من الآية الكريمة:

أولاً: في محكمة العدل الإلهي أن جميع المعبودات الزائفة من أصنام تشهد يوم القيامة في محكمة العدل الربانية ضد المشركين وما عُبد من غير الله تعالى.

ثانياً: أن الله تعالى لا يقبل أي عمل إلا إذا كان خالصاً لوجه الكريم - فعلى الإنسان المؤمن أن يعبد الله عبادة خالصة ولا يشرك به أحداً لأن من يشرك به لن ينفعه مثقال ذرة في الآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

- وشروط قبول العمل عند الله تعالى أن يكون خالصاً لله تعالى ، وموافقاً للشرع وعلى منهج النبي صلى الله عليه وسلم.