ما المقصود بثاني عطفة في الآية الكريمة (ثاني عطفة ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق)

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٧ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 لقد وردت هذه الآية الكريمة في سورة الحج، قال الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9).

-
يتحدث الله تعالى في هذه الآيات الكريمة عن بعض الناس الجهلة الذين يتكلمون بما لا يفهمون ولا يعقلون وليس الكلام من اختصاصهم، فهم عبارة عن مقلدين بلا علم ولا دليل ولا حجة - خاصة رؤوس الكفر والبدع - فهم يهذون بلا عقل راجح، وبلا نقل صحيح صريح، ولكنهم فقط يتبعون آرائهم وأهوائهم بغير هدى ولا صراط مستقيم.

- وقوله تعالى (ثاني عطفه) فيه تشبيه بالذي يلوي عنقه ورقبته مستكبراً عن قبول الحق ورؤيته والاستماع إليه، ومعرضاً عما يُدعى إليه من الهدى والخير والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة ، كما أخبر الله تعالى عن فرعون الذي أعرض واستكبر عن قبول الحق، بل واتهم نبي الله تعالى موسى عليه الصلاة والسلام بالسحر والجنون! قال تعالى: (وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون) سورة الذاريات: 38/ 39.

وقد رويت الأحاديث بأن هذه الآية نزلت بالنضر بن الحارث وسبب نزولها أن النضر بن الحارث وهو أحد أعداء الدين كان يجادل في الله بغير علم ولا دراية ، فكان يُنكر  نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وينكر البعث  كما أنه قد تجرأ على الله عز وجل وقال بأن الملائكة بنات الله تعالى -حاشا لله-

كما وروي كذلك عن ابن عبّاس  في  بعض التفاسير أنّها نزلت في أبي جهل، ولكن الرواية والقول الأول أصح وأشهر   والله أعلم.
فتقول هذه الآية في وصف الذي يُجادل في الله بغير علم إنّه: {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ ۖ...  أن المُراد بقوله تعالى: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} أنّ ذلك دلالة على الاستكبار عن الحق  كما قال  ابن عبّاس،

- أما قوله تعالى: (ليضل عن سبيل الله) فاللام في قوله ليضل تحتمل معنيين:
المعنى الأول: تسمى لام العاقبة لأنه قد لا يقصد ذلك.
المعنى الثاني: لام التعليل. ثم إما أن يكون المراد بها المعاندين ، أو يكون المراد بها أن هذا الفاعل لهذا إنما جبلناه على هذا الخلق الذي يجعله ممن يضل عن سبيل الله.

- أما قوله تعالى: (له في الدنيا خزي) وهو الإهانة والذل ، كما أنه لما استكبر عن آيات الله لقاه الله المذلة في الدنيا ، وعاقبه فيها قبل الآخرة؛ لأنها أكبر همه ومبلغ علمه.

- وقد ختم الله تعالى هذه الآية الكريمة بقوله: (وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ) ومعنى ذلك أنّ ذلك الذي يصدّ عن سبيل الله أعد الله تعالى له يوم القيامة عذاب مقيم في النار،

- لذلك نرى بأن الله تعالى تكفل بنصر نبيه ودينه، وكلّ من وقف في وجه الحق وأنكر قول الله تعالى لقي من الذل والهوان ما جعله آية للنّاس، كثير من أعداء اليد والإسلام كأمثال  أبي جهل، وأبي لهب، والنّضر بن الحارث الذي نزلت في حقّه هذه الآية كما ذهب أكثر المفسّرين،
- فهؤلاء طغوا وتجبروا وكانوا يؤذون المسلمين ويعذّبونهم ويستضعفونهم قبل الهجرة، وكانوا يحسبون بأن قوتهم وجاههم ومكانتهم في الجاهلية تمنعهم من عذاب الله، ولكنّ الله -تعالى- لهم بالمرصاد وتوعد لهم بنار حامية تصليهم في جهنم

وأخير ينبغي على المسلم أن لا يجادل أهل العلم إلا بدليل وعلم والأصل عدم المجادلة في لأن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في ترك الجدال فقال: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً). رواه أبو داود وحسنه الألباني.