ما الفرق بين كلمتي الحياة والحيوان في القرآن الكريم

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٥ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 لقد وردت كلمتي الحياة والحيوان في القرآن الكريم إلا أن جوهر الفرق بينهم يتجلى في النقاط التالية:
أولاً: أن لفظ الحياة تكرر كثيراً في القرآن الكريم، ومن الأمثلة على ذلك:
-قول الله تعالى: "فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" سورة البقرة/85.

-وقول الله تعالى: "وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا" سورة البقرة/96.

-وقول الله تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" سورة النحل/97.

- أما كلمة "الحيوان" في القرآن الكريم إلَّا مرَّةً واحدة فقط، في قول الله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} سورة العنكبوت/64.

ثانياً: فمن خلال الآية السابقة يتبين لنا أن لفظ إطلاق لفظ الحيوان على الدار الآخرة يدل على أن هذا اللفظ خاص باليوم الآخر، بعكس لفظ الحياة فهو خاص بالدنيا فقط.

ثالثاً:
إن لفظ إطلاق لفظ الحيوان على الدار الآخرة يدل على الحياة المستمرة الدائمة الخالدة التي لا موت فيها. وفي بناء "الحيوان" زيادة معنى ليست في بناء "الحياة"، وهي ما في بناء "فَعَلَان" من معنى الحركة والاضطراب كالنَّزَوَان والدَّوَرَان والغَلَيَان... إلخ. والحياة حركة كما أن الموت سكون، فجاء هنا بناءٌ دالٌّ على معنى الحركة؛ وجاء ذكر الحيوان بدل الحياة مبالغةً في معنى الحياة، في مقام وصف الحياة الآخرة.

رابعاً: هناك فرق بين الحياتين:
فالحياة الآخرة هي دار السعادة والهناء والابتهاج وخفَّة النَّفْس، مع دوام ذلك واستمراره وتجدُّد ألوانه، بينما الحياة الدنيا هي حياة اللهو واللعب والذنوب والمعاصي بما تشتمل عليه من انكسارٍ وسأم وسرعة انقطاعِ لَذَّاتها وزوال نعيمها.

خامساً: أن الحياة الدنيا مصيرها الموت والفناء، بينما حياة الآخرة (الحيوان) هي الحياة الأبدية (خلودٌ بلا موت) وهي دار البقاء الذي لا موت بعدها أبداً.

سادساً: يقول أهل اللغة (الزيادة في مبنى الكلمة يعطي زيادة في معناها) فكلمة (الحيوان) تدل على أن الدار الآخرة بكل تأكيد هي الحياة الباقية المستمرة التي لا زوال لها أمام كلمة الحياة، فليس من معناها الاستمرار ولابد لها من نهاية (كل نفس ذائقة الموت). وقال تعالى (قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلاً)، والدنيا مزرعة للآخرة. والله يقول (والآخرة خير لك من الأولى) أي الدنيا.

سابعاً: إن كلمة (الحيوان) هي حياة لأهل الجنة مستمرة أبدية، وكذلك هي حياة لأهل النار مستمرة أبدية.