ما الفرق بين صريح وجريء؟

1 إجابات
profile/بشاير-نهاد-جابر
بشاير نهاد جابر
أخصائية نفسية
.
٠٤ نوفمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
الصراحة بشكل عام تتطلب قدراً معيناً من الجرأة في بعض الأحيان، فنحن نعلم أن الصراحة المطلقة والصدق التام يحتاج قوة وشجاعة من الشخص في المواقف التي يكون فيها اللف والدوران أو المراوغة هي الحل الأسهل، فعلى الرغم من أن الصراحة أفضل سياسة وأن الصدق هو الصواب إلا أنه لا يكون سهلاً دائماً ومن هنا نستنتج أن كل أنسان صريح هو إنسان جريء لكن ليس كل إنسان جريء هو بالضرورة إنسان صريح وهذا هو الفرق فالعلاقة ليست تبادلية .
لكن ما يجب توضيح الفرق بينهما حقاً هما الصراحة والوقاحة، فكثيراً ما نرى بعض الأشخاص الذين يفتخرون بأنفسهم لأنهم يقولون كل ما يجول بخاطرهم دون مراعاة لمشاعر الآخرين ويظنون أن هذا هو الصواب وأنهم هكذا وصلوا إلى أعلى درجات الجرأة والصراحة وهذا أبعد ما يكون عن الصواب ، فكون الشخص صريح هذا لا يمنحه الحق بأن يؤذي الآخرين بلسانه أو يتطاول عليهم بحجة الصراحة وعدم المجاملة، فقد خاطب الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم وقال "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" ، تخيل أنه عز وجل يخاطب أعظم الخلق وهو ينشر الإسلام ويعلم الصحابة تعاليم دينهم بأن الكلام الفظ غير الموزون سيجعلهم يبتعدون ! إن كانت الجنة والنار وتعاليم الإسلام تتطلب اللين في الحديث فكيف إذا ما كنا نتحدث عن الأمور الحياتية اليومية، وإليك بعض المواقف والأمثلة التي توضح المقصود وتوضح الفرق بين الصراحة البناءة وبين التطاول بحجة الصراحة : 

- لنقل مثلاً أن شخصاً يكبرك سناً وبينكما فارق في العمر قد تصرف بشكل خاطئ في موقف  معين ، سواء كان عم ، خال ، زميل في العمل ، استاذ ، رئيسك .... الخ الصراحة تكون باستخدام الكلمات التي تنم عن كامل الاحترام وصياغة الحديث بما يلائم مكانته لتوجيهه إلى هذا الخطأ كقول : أنا اعلم أنك شخص رائع ولا تحب الخطأ لكن نحن بشر ونخطئ وأريد أن ألفت انتباهك إلى أن التصرف الفلاني لم يكن مناسباً وربما القيام بكذا كذا (وطرح بديل أكثر ملائمة) قد يكون أفضل في المستقبل.
في المثال السابق قمت بمواجهة شخص ذو مكانة تفوقني بطريقة مهذبة ومحترمة وبنفس الوقت لم أسكت عن الخطأ ولم أقم بإهانته كأن أقول له أنت لا تحسن التصرف وأنت دائماً ما تخطئ وأنت شخص لا تفهم ... الخ ، وهنا يتضح لنا الفرق.

- مثال آخر لنفرض أن أحدهم سألك عن رأيك بما يرتديه، أو ما يقوم به، أو غرض ينوي أن يشتريه وأنت ترى أنه لا يعجبك أو ليس مناسباً، ليس من الصواب استخدام كلمات تجرح الآخرين كأن تقول إنه بشع لا أعلم كيف تراه جميلاً، لماذا ذوقك هكذا، ما ترتديه يجعلك تبدو سميناً، شاحب ... الخ ، هذه ليست صراحة بناءة وليس من المعقول أن تكون فخوراً بها عندما يكون بإمكانك أن توصل الفكرة بشكل أفضل لكنك تختار الأسلوب الفظ، خصوصاً أن بعض الأشخاص يطرحون السؤال لأنهم ينتظرون المجاملة لذلك يمكنك أن تكون دبلوماسياً وتدمج الامرين معاً كأن تقول مثلاً : أتعلم، هذه اللون جميل لكن أظن أن اللون الأخضر سيبدو عليك أفضل لأنه سيبرز لون عيونك، أو بشرتك ... الخ ، 

الصراحة أفضل سياسة نعم، والصدق دائماً هو الحل الأفضل حتى لو كان يبدو الكذب يبدو أسهل ويجنبك المشاكل لكنها راحة مؤقتة ضريبتها مشاكل أكثر عندما تنكشف ، لذلك يجب دائماً أن نقوم بالصواب، وأن نرمم نفسيات من حولنا أثناء فعل الصواب بدلاً من أن نهدمها .