ما الذي يستند إليه مُنكرو تحريم الخمر وكيف ترد الأدلة الشرعية عليهم

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٣ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
يستندوا إلى النقاط التالية:
أولاً: يقولون بأن الإسلام لم يحرم الخمر، وإنما حرم السكر، لأن الآيات التي وردت في القرآن كليا لم تحرّم الخمر وإنما حرمت السكر"
 
ثانياً: كما يقولون بأن "الأحاديث الواردة في تحريم الخمر ضعيفة، ولا يلزم الأخذ بها".
 
ثالثاً: إن الخمر المصنوعة من غير العنب كالشعير مثلا، إنما يحرم الكثير المسكر منها، أما القليل الذي لا يسكر فهو حلال، طالما أنه لا يسكر ولا يؤدي إلى غياب العقل وذهابه. أما إن كان من غير العنب كالشعير والبر والتين، فلا يحرم منه إلا ما كان مسكرا"،
 
رابعاً: كما يقولون بأن القرآن لم يحرم الخمر، وإنما حرم السكر، لأن التحريم عنده لا يثبت إلا بلفظ التحريم، وهي دعوى تبطلها ورود صيغ كثيرة في القرآن تفيد التحريم القاطع، كترتيب عقوبة على الفعل كما في السرقة.
 
خامساً: فإن السكر ليس حراما بصفة مطلقة، إذ إن الآية الكريمة (ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) تنهى عن الصلاة حال السكر، بما يدل على أن السكر خارجها لا شيء فيه، وهو ما يبطل استدلاله العقيم على تحريم السكر.

- والرد عليهم: في البداية نقول بأن للخمر حرمة معلومة وردت في دين الإسلام حتما، من أنكرها كفر، وخرج من ملة الإسلام، وعلى الحاكم المسلم أن يستتيبه ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل.

- أما أدلة تحريم الخمر في الكتاب والسنة فهي:
الدليل الأول: قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون* إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) [المائدة: 90-91]
- يتبين لنا من الآيات السابقة أن الله تعالى حرم الخمر من عدة وجوه:
1- أن الله قرن الخمر بالأنصاب والأزلام والتي قال الله تعالى عنها في آية أخرى: (ذلكم فسق) [سورة المائدة: 4] وقد فهم هذا المعنى الصحابة رضي الله عنهم.

- قال ابن عباس: لما حرمت الخمر مشى رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم إلى بعض، وقالوا: حرمت الخمر، وجعلت عدلاً للشرك: (أي معادلة ومساوية للشرك). رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح،

- وجاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن".

2- حكم الله على الخمر وما ذكر معها بأنه رجس، ولفظ الرجس لم يطلق في القرآن إلا على الأوثان ولحم الخنزير، وهو يدل على التنفير، والزجر الشديد.

3- إن الله تعالى أمر باجتناب الخمر صراحة بقوله: (فاجتنبوه لعلكم تفلحون) والأمر بالاجتناب لفظ استخدم في الزجر عن الأوثان وعبادتها، فقال تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) [سورة الحج: 30] وقال: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) [سورة النحل: 36] وقال: (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها) [سورة الزمر: 17]. كما استخدم لفظ الاجتناب في ترك كبائر الذنوب والآثام، قال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) [سورة النساء: 31] وقال تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) [سورة النجم: 32]

4- كما أن الله تعالى قد رتب على هذا الاجتناب الفلاح بقوله: (لعلكم تفلحون) وتحصيل أسباب الفلاح واجب لازم.

5- أن الخمرة سبب للعداء والبغضاء بين المسلمين، قال تعالى: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر)

6-إن شرب الخمر وتعاطيه يمنع ويقطع المسلم ويصده عن طاعة الله تعالى، قال تعالى: (ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة)

7- وأن الله ذكر النهي في نهاية الآيات ليؤكد على غجتنابه وأنه محرم قال تعالى: (فهل أنتم منتهون) أي: بعد ذكر هذه الحجج كلها هل أنتم منتهون مقلعون؟! ولذا لما سمعها المؤمنون قالوا: قد انتهينا يا رب، قد انتهينا يا رب.
والذين ناقشوا في دلالة الآية على تحريم الخمر إنما أوقعهم في ذلك جهلهم المطبق باللغة والشرع معاً، وظنوا ظناً فاسداً أن التحريم لا يستفاد إلا من لفظ: حرم ويحرم، وهذا باطل، بل التحريم تدل عليه ألفاظ كثيرة: كلعن فاعله، أو الوعيد على فعله بالنار، أو ذكر أنه من الكبائر، أو الإخبار بأنه رجس… إلخ.

الدليل الثاني: والخمر من الإثم والإثم حرام، كما قال الله تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق) [سورة الأعراف: 33]

الدليل الثالث: والله تعالى يقول عن الخمر: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير) [سورة البقرة: 219] فإذا كان الإثم حراماً، وكان في الخمر إثم كبير، كانت النتيجة أن الخمر حرام، وهذا واضح، كما هو مصرح به في الآيتين.

الدليل الرابع: عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام"أخرجه مسلم.

الدليل الخامس: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن" متفق عليه.

الدليل السادس: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل فقال: (يا محمد، إن الله لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها)"أخرجه أحمد في مسنده.