ما الدال على أن طلب سيدنا موسى عليه السلام من الفتاة أن تسير أمامه دليل على اتصافه بخلق؟

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٩ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
عندما وصلت الفتاة إلى موسى عليه السلام قالت له: (إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فذهب موسى عليه السلام معها، وكانت الفتاة تريد أن تتقدّم على موسى عليه السلام في المشي لتدلّه على الطريق لكن موسى عليه السلام أبى وطلب منها أن تكون من وراءه لترشده إلى الطريق وذلك لما رأى منها من شدة الحياء والخلق.

-وهذا دليل على أمانته واتصافه بالخلق فقد مشى موسى عليه السلام أمام الفتاة لكي لا يراها والرياح قد تحرك ثيابها، فكانت تدله على البيت وهي من خلفه.

-
قال الله تعالى (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) سورة القصص آية 23.

-أي عندما وصل موسى عليه السلام ماء "مدين" وجد عليه جماعة من الناس يسقون مواشيهم، ووجد من دون تلك الجماعة امرأتين منفردتين عن الناس، تحبسان غنمهما عن الماء؛ لعجزهما وضعفهما عن مزاحمة الرجال، وتنتظران حتى تَصْدُر عنه مواشي الناس، ثم تسقيان ماشيتهما، فلما رآهما موسى عليه السلام رقَّ لهما، ثم قال: ما شأنكما؟ قالتا: لا نستطيع مزاحمة الرجال، ولا نسقي حتى يسقي الناس، وأبونا شيخ كبير، لا يستطيع أن يسقي ماشيته؛ لضعفه وكبره.

-وبعض الفقهاء اختلفوا في علة عدم سقيا الغنم الماء على وجوه:

أولا: كان على الماء رجالاً أقوى منهما فلا يتمكنان من السقي إلا بعد أن ينتهي الرجال.

ثانيا: كانتا تكرهان المزاحمة على الماء، لما فيه من الاختلاط وقلة حياء النساء.

ثالثا: لكي لا تختلط أغنامهما بأغنام الرجال الآخرين.

رابعا: لكي لا تختلطا بالرجال وهذا السبب الأقوى لأنه كان يظهر من حال تلك الفتاتين أن لديهم تربية مسبقة بالبعد عن مزاحمة ومخالطة الرجال.

-فعندما رأى موسى عليه السلام وجود الفاتين وحدهما بحضرة الرجال استغرب واقترب موسى عليه السلام من الفتاتين قال " قال ما خطبكما ".

-وهنا إشارة إلى أن الرجل إذا أراد أن يتكلم مع امرأة أجنبية نتكلم معها بقدر الحاجة، فنجد موسى عليه السلام قال "ما خطبكما" بدون أي مقدمات أو عبارات فيها تلطف أو غزل.

-والفتاتين اجابتا موسى بقدر السؤال: "قالتا لا نسقي ".

-من هنا نستفيد أن المرأة إذا أرادت أن تتكلم مع الرجال تكلمت بدون تلطف ولا مقدمات ولا عواطف، وهذا من أدب الكلام بالنسبة للمرأة، ومما ينبغي أن نربي فتياتنا عليه وخاصةً في زمننا هذا الذي رأينا فيه تساهل بعض الفتيات في مخالطة الرجال ومزاحمتهم صوتاً وجسداً وعملاً وتسوقاً وسفراً.


وكان من جوابهما له "حتى يصدر الرعاء"؛ أي نسقي أغنامنا إلا بعد ذهاب الرجال من المكان.
وفي هذا تربية على عدم الاختلاط بالرجال، وهذا منهج تربوي يجب أن يتأصل في نفوس الفتيات لكي تبقى المرأة محفوظة كالجوهرة، وأما إن زاحمت الرجال فلا شك أن العيون والشكوك والأخطاء ستدور حولها والله المستعان.

ثم قالتا "وأبونا شيخ كبير". وهذا الرد كافي حتى يزول التعجب والاستغراب من موسى عليه السلام بسبب وجود الفتاتين في هذا المكان، فكان السبب لخروجهن من المنزل وهو كبر سن والدهم وعدم وجود رجال يخدمونهم.
 
- ومن هذه القصة نتعلم عدة دروس منها:
أولاً: تعويد المرأة على تحمل مسؤولية البيت في حالة غياب الرجال فيه.

ثانياً: المبادرة والإيجابية في المواقف التي تتطلب ذلك مساعدة المحتاج وإغاثة الملهوف.

ثالثاً: عدم انتظار الشكر من فعل المعروف، لأن المسلم المخلص التقي لا ينتظر الشكر من الناس مقابل معروفه، لأنه يبتغي الأجر من الله تعالى.

رابعاً: يجب على الفتاة والمرأة المسلمة أن تتحلى بالحياء في لباسها ومشيها وكلامها وجميع تصرفاتها، وأجمل ما في المرأة هو خلق الحياء.

خامساً: أن الحياء من الفتاء كان سبباً في زواجها بنبي من أنبياء الله تعالى! فالحياء كله خير ولا يأتي إلا بخير.

سادساً: الحرص على مكافأة من يحسن لك خيراً أو يقدم لك معروفاً.