ماذا يفعل الإنسان إذا شعر بقلق اليقين أثناء الدعاء أو الجزع؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٠٧ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
أولاً : عليه أن يستعيذ الله من الشيطان الرجيم ويكرر هذه الاستعاذة ، لأن مثل هذا الجزع إنما أصله من الشيطان الذي يوسوس ويزين للعبد أن الدعاء لن ينفع ولن يحقق له مطلوبه ويحاول أن يبث في قلبه الجزع واليأس ،كل ذلك حتى يصرفه عن هذه العبادة العظيمة التي هي من مظاهر عبودية العبد وفقره إلى ربه سبحانه ،وهي عبادة محببة لله سبحانه ،فيحاول الشيطان أن يشوش على العبد هذه العبادة العظيمة ليصرفه عنها ويمنعه من الاستمرار فيها والمحافظة عليها .

وعلاج مثل هذا الوسواس هو الاستعاذة بالله من شر الشيطان الخناس ،مع  الاستمرار في الدعاء والإصرار عليه دون يأس أو ملل .

ثانياً : عليه مجاهدة النفس الأمارة بالسوء ، فالإنسان خلق عجولاً ملولاً ، فتجده إذا لم يتحقق ما يريده بسرعة ييأس ويدخله الجزع ،كما قال تعالى في سورة فصلت :
"  وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ ۖ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) "

والواجب على العبد أن يستمر على الدعاء ويجاهد نفسه في الاستمرار عليه .

ثالثاً : عليه أن يعلم أن الدعاء ليس صفقة بيع فهو بمجرد دعائه لا بد أن يقع ما يتمناه ، بل عليه أن يؤمن أن الدعاء هي عبادة عليه أداؤها وسؤالها وبذلها لمستحقها وهو الله ، وأنه كعبد لا يستحق على ربه شيئاً ، لأن الأمر لله وحده فالكون كونه والملك ملكه والخلق خلقه ،وهو أعلم بما يصلح لعباده وما يفسدهم ، وله الحكمة السابقة والنعمة التامة .

قال تعالى في سورة الإسراء"  وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (11) ".
 
فمتى علم العبد مقامه وأدرك مقام ربه وفهم معنى عبادة الدعاء ، صارت هذه العبادة لذة بحد ذاتها ، ولزم حدود أدبه مع الله ، فقام بهذه العبادة بقلب مطمئن وأقبل عليها إقبال العطشان ، وسلم لله تعالى في أقداره كلها يحكم فيها ما يشاء ، وصار قلبه راضياً مطمئناً إلى تدبير الله واختياره وحكمه غير جزع ولا خائف .

رابعاً : على العبد أن يؤمن أن الملك لله وحده كما قال سبحانه "  قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)  تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) "

فإذا  كان الأمر كله بيد الله سبحانه فكيف لك أن تطلبه ممن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وهو فقير كفقرك !

خامساً : أن يعلم أن الله غني عنه وعن مسألته لكنه سبحانه يحب دعاء الداعين ، فقد يؤخر الإجابة لا حرماناً ولكن لمحبته سماع دعاء عبده وتضرعه وهو في ذلك يرفع درجاته ويرحمه.

سادساً : أن يعلم أن الله سبحانه له الغنى المطلق وأنه كريم لا أحد أكرم منه ولا أرحم منه سبحانه .

قال الله سبحانه في الحديث القدسي "  يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْت كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَته، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ".

وفي الحديث المتفق عليه " يدُ اللهِ ملْأَى لا يُغِيضُها نَفَقَةٌ ، سحَّاءُ اللَّيْلَ و النهارَ ، أرأيتم ما أنفَقَ منذُ خلَقَ السماواتِ و الأرضِ ؟ فإِنَّهُ لم يَغِضْ ما في يدِهِ وكان عرْشُهُ على الماءِ ، وبيدِهِ الميزانُ ، يخفِضُ ويرْفَعُ ".

والله أعلم 




  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة