ماذا يٌستفاد من سورة طه؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
١٤ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
سورة طه من السور المكية والتي تناولت في آياتها ما يلي :

1. بدأت السورة بمقدمة فيها بيان عظمة القران وفضله وفضل منزله وعظمته والحديث عن بعض صفاته .

2. ثم تناولت السورة الحديث عن قصة موسى عليه السلام وركزت على قصة نبوته وكلامه مع الله سبحانه في الوادي المقدس ، ثم ذهابه إلى فرعون وكيفية دعوته لفرعون وجواب فرعون ، ثم قصة موسى مع سحرة فرعون والمواجهة التي حصلت بين الفريقين وعاقبة هذه المواجهة من إيمان السحرة وتهديد فرعون لهم وما جرى بينهم من نقاش ، ثم بعد الإشارة إلى هلاك فرعون ذكرت السورة قصة موسى مع قومه لما عبدوا العجل وما فعله السامري ورد فعل موسى عليه السلام على ذلك ، وختمت القصة ببيان الحقيقة الكونية التي أرسل الرسل لبيانها وهي ( إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علماً ).

وقصة موسى عليه السلام استغرقت أكثر من 60% من آيات السورة ، حيث إن 6 صفحات من السورة من أصل 10 صفحات كانت في ذكر قصة موسى عليه السلام ، لذلك روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يسمي سورة طه بسورة " الكليم " يعني كليم الله موسى .

3. ثم عرجت السورة في خواتيمها على ذكر بعض مشاهد يوم القيامة ومصير البشر جميعاً في الوقوف بين الله ، وكيف يكون حال المجرمين وكيف يكون حال المؤمنين .

4. وذكرت السورة في خواتيمها أيضأ طرفاً من قصة آدم عليه السلام مع إبليس لعنه الله ، تذكرة لبني آدم بأصل الصراع ، مع الإشارة إلى مصير من سلك على طريق النجاة ومن سلك طريق الغواية ، ونبهت إلى ما يعين العبد على ذلك من التسبيح والصلاة ، وحذرته من الاغترار  بالدنيا وزخرفها ، وختمت بالتحدي لكفار قريش وتهديدهم .

فهذا عرض سريع لمواضيع هذه السورة العظيمة ، أما ماذا يمكن الاستفادة منها فالفوائد والعبر كثيرة كثيرة ، ويمكن أن نشير إلى بعضها :

1. قضية السورة الأساسية هي قضية الكون وهي  توحيد الله وحده لا شريك وعبودية البشر له وحده سبحانه و البراءة مما يعبد من دون الله ، مع التذكير أن الصراع الحقيقي بين أهل الحق وأهل الباطل قائم على هذه القضية ، وهذه النقطة نبهت السورة عليها ابتداءً بحديثها عن الله ، ثم ببداية الكلام بين الله وتعالى وبين موسى ، ثم بخلاصة دعوة موسى لفرعون وما دار بينهما من صراع ومواجهة ، ثم بقصة موسى مع السامري وخلاصة قصته ، ثم ما ذكر في خواتيم السورة .

فهذه أول فائدة نستفيدها :وهي أن القضية التي خلق الخلق لأجلها وعليها الثواب والعقاب ومن أجلها كان الصراع في هذه الدنيا والتي يجب أن تكون هي محور حياة الإنسان واهتمامه هي توحيد الله وعبادته.

2.نستفيد من هذه السورة معرفة لطف الله وتدبيره فعلى المؤمن أن يكون عنده ثقة بربه ووعده وذلك من خلال النظر في رعاية الله لموسى ولطفه به وكيف صنعه سبحانه على عينه ونجاه من فرعون ثم رباه في حجره ليكون فيه هلاكه.

3. نستفيد من هذه السورة أن على الداعية أن يبدأ دعوته باللطف والموعظة الحسنة واللين وذلك من قوله تعالى ( فقولا له قولا ليناً لعله يتذكر أو يخشى ).

4. يستفاد منها كيفية الرد على شبهات الملحدين أو المجادلين في وجود الله ، وذلك من خلال المناظرة بين موسى وفرعون .

5.أكثر أهل الباطل يجادلون بالباطل مع معرفتهم بالحق ، فليست القضية هي قضية استدلال  و معرفة وإنما هو عناد مجرد .

6. أهل الباطل يستخدمون السحرة للتغطية على باطلهم والتعمية على الناس ، والسحرة قد يكونوا  سحرة حقيقين وقد يكونوا بصورة أخرى كوسائل الإعلام .

7. خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام ، كما حصل مع السحرة جاؤوا في أول النهار سحرة فجاراً فصاروا في آخره شهداء بررة ، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء .

8. وجوب شكر الله على نعمه ، فبالشكر تدوم النعم ( يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم ... كلوا من طيبات ما رزقانكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) .

10. أكثر الناس عجولة تنخدع بالمظاهر وتنقاد للباطل بسهولة ، كما حصل مع بني إسرائيل وعبادتهم للعجل .

11. على المؤمن أن يصبر في هذه الدنيا ويستعين على طاعة الله بالتسبيح والذكر والصلاة والاستغفار .

12. عدم الاغترار بالدنيا وزخرفها ، فليس عطاء الدنيا  دلالة على محبة الله للعبد .

والله أعلم