ماذا قال رسول الله صل الله عليه وسلم لهند بنت عتبة عندما جات تبايعه

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢١ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
بعد فتح مكة ودخول جميع أهلها في الإسلام تمت بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء أو ما سميت (ببيعة النساء) وكانت هند بنت عتبة ممن حضر هذه البيعة فجاءت وهي منتقبة متنكِّرة لا يعرفها صلى الله عليه وسلم، تريد أن تبايع كما يبايع الناس!! وكانت بيعة النساء على: أن لا يُشْرِكْنَ بالله شيئًا، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصينه صلى الله عليه وسلم في معروف.

- فبدأت النساء تبايع، وقال صلى الله عليه وسلم لهن: «تبايعنني عَلَى أَلاَّ تُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا».
فقالت هند وهي منتقبة، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرفها: والله إنك لتأخذ علينا ما لا تأخذه من الرجال. أي: أن هناك تفصيلات كثيرة للنساء، والرجال قد بايعوا بيعة واحدة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يلتفت إلى اعتراضها.

وأكمل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «وَلاَ تَسْرِقْنَ».

- فوقفت هند وقالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني، ويكفي بَنِيّ، فهل عليَّ من حرجٍ إذا أخذت من ماله بغير علمه؟!

فقال صلى الله عليه وسلم: «خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ».

- ثم انتبه صلى الله عليه وسلم إلى أن هذه التي تتكلم هي هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، فقال صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّكَ لَهُنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ»؟! قالت: نعم، هند بنت عتبة، فاعفُ عمَّا سلف، عفا الله عنك.

- فهل سيعفو عنها النبي صلى الله عليه وسلم؟

نعم لقد عفا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم كعادته وطبيعته يعفو ويصفح، فلم يُعَلِّقْ بكلمةٍ واحدة على كل ذكرياته المحزنة، بل تنازل عن كل الحقوق، وقَبِل إسلامها ببساطة، وأكمل البيعة مع النساء وكأنه لم يتأثر أبدًا!!

- ثم واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم بنود البيعة فقال: «وَلا تَزْنِينَ»..
- فقالت: يا رسول الله، وهل تزني الحرة؟!

- فلم يتوقف الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أكمل: «وَلا تَقْتُلْنَ أَوْلاَدَكُنَّ».

- فقالت هند: قد ربيناهم صغارًا، وقتلتهم كبارًا، هل تركت لنا ولدًا إلا قتلته يوم بدر؟! أنت قتلت آباءهم يوم بدر، وتوصينا الآن بأولادهم!! فلم ينفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل لها: ولماذا قاتلناهم في بدر؟!

- فتبَسَّم صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا، وأخذ الموضوع بشيء من البساطة، وقدَّر موقف هند بنت عتبة –رضي الله عنها-، ومدى صعوبة الإسلام عليها.

- ثم واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم بنود البيعة فقال: «وَلا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيِدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ».

-فقالت هند: والله إن إتيان البهتان لقبيح.

- ثم واصل النبي صلى الله عليه وسلم بنود البيعة فقال: «وَلا تَعْصِينَنِي فِي مَعْرُوفٍ».

فقالت هند: والله ما جلسنا هنا وفي أنفسنا أن نعصيك في معروف.

- وهذا الرد والتعقيب من الصحابية هند بنت عتبة - رضي الله عنها - وقبول النبي صلى الله عليه وسلم للعفو عنها ولهذا الرد وهذه التعليقات ليدلل على عظمة هذا النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته للناس وسعة صدره وقبوله لمن دخل في الإسلام مهما كانت عداوته له قبل ذلك.

- كما يدلل قوة شخصية الصحابية هند بنت عتبة وفطنتها وذكاءها قوة ملاحظاتها وسرعة ردها بأدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- وهذا فيه درس للنساء أيضاً أن الإسلام لم يكبت المرأة بل جعل لها حق التعلم والمشورة وإبداء الرأي والنقاش وطرح الأفكار بما يخدم هذا الدين.