ماذا شعرت عند مشاهدتك للوحة The nightmare؟

1 إجابات
profile/ندى-ماهر-عبدربه
ندى ماهر عبدربه
دبلوم في Dental hygienist (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
٠٣ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات

لطالما كان الفن وتحديدا الرسم هو الوسيلة التي يعبر من خلالها الفنان عن كل ما يدور حوله في الواقع و حتى في الأحلام، حيث انه اللغة التي يستطيع من خلالها تجسيد أفكاره، و معتقداته، و التعبير عن رسائل روحه بصورة تبعث داخل المتلقي العديد من المشاعر و تجعله يبحر في عالم روح الفنان، و يسرح بخياله نحو السماء. 
لكن ماذا لو كان هذا العالم يعج بالظلام، ويحمل بداخله تفاصيل مرعبة تأخذ المشاهد نحو غياهب الاحلام التي تتزين بثوب الرعب، و تحمل بداخلها الغاز تختبئ بين طيات خطوط اللوحة وتفاصيل ألوانها القاتمة، ولعل أبرز تلك العوالم المظلمة يوجد داخل إطار لوحة تدعى الكابوس، فما هو الهدف وراء هذه اللوحة، وكيف استطاعت أن تزرع الرعب في نفوس من شاهدها عبر العصور؟ 
امرأة ترتدي ملابس بيضاء نائمة في ظلام احد الغرف التي تعلق على جدرانها رأس حصان قبيح ومخيف يطفو على وجهه ملامح التأمل و التفكير ، تنام المرأة مضطجعة بصورة تدل على أنها تمر بحالة النوم الغير مريح، ولعل السبب وراءه هو وجود كائن قبيح المنظر يجثم على صدر المرأة، بصورة تدعو الى القلق و تبعث بداخل المشاهد العديد من الأفكار التي تعج بالألغاز المحملة بمشاعر الخوف و الحيرة. 
تلك اللوحة تدعى لوحة الكابوس (The Nightmare) هي لوحة رسمها الفنان هنري فوسيلي عام (1781)، وتوجد الآن في معهد ديترويت للفنون، هذه اللوحة ظهرت على غلاف رواية ماري شيلي للكاتب فرانكشتاين، حيث انها اشتهرت بسبب تجسيدها لحالة الجاثوم الذي يعتبر من الحالات الشائعة التي تحدث أثناء الاستيقاظ والنوم، حيث يكون الشخص واعيا لكنه غير قادر على الكلام أو الحركة، خلال هذه النوبة قد يصاب الفرد بالشلل مع قدرته على السماع والرؤية مما يزرع مشاعر الرعب داخل الفرد بصورة كبيرة.

"أقبل ممتطيًا فرسه الليلي يشق مساءً عباب الضباب
وحلَّق الشيطانُ القبيح فوق القيعة والبحيرة والمستنقع باحثًا عن فتاةٍ أفقدها الحب صوابها، و أرهقها النعاس يقبع ملتهبًا ومكشرًا فوق صدرها"
إراسموس داروين
بتلك الكلمات عبر الشاعر إراسموس داروين عن لوحة الكابوس، واستوحي من خلالها أحرف استطاعت فك شيفرات الغازها التي عبرت نحو عالم الشاعر و جعلته يخط حروف قصيدته بمشاعر الرعب التي يغطيها الظلام. 
إن قدرة فوسيلي على تجسيد خياله الجامح، و تقديم عرض بصري يصور مشهد يعد من أكثر المشاهد رعبا في تاريخ الفنون جعلت منه رساما عظيماً،  حيث انه رسم هذه اللوحة بعد عودته من إيطاليا ولاقت نجاحا عظيما وقتها، وبسبب هذا النجاح رسم فوسيلي ثلاث نسخ اضافية من "الكابوس" التي نسبها الى المدرسة الرومانسية التي تأسست بأعمدة الماضي، و مجدت الطبيعة، و المشاعر الخيالية التي تقود الفرد نحو الجمال والابداع. 
 من وجهة نظري كانت المبالغة العاطفية، و التعبيرات الدرامية هي السبب وراء فصاحة تعبير فوسيلي، و تجسيده مشهد يقع في عالم الاحلام وإنزالها على أرض الواقع لحبسه بين اسوار إطار اللوحة، حيث ان ظاهرة الجاثوم تعتبر من الظواهر الغير طبيعية و التي تحمل تفسيرات عديدة سواء كانت علمية ام تحمل نوعا من أنواع الميتافيزيقا بين طياتها، وكانت عظمة لوحة الكابوس تكمن بقدرتها على التفاف حول المشاهد بهالة ظلامها و تزرع بداخله مشاعر متضاربة تتراوح بين الرعب و الخوف من المجهول المختبئ عبر خطوط وألوان هذه اللوحة التي تمثل مشهد من احد مسرحيات الاحلام التي مثلت شخصياتها كابوساً بتعبيرات الصمت الذي يكسر الصدى المحيط بالواقع.