الله أعلم بما سيجري، ولكن لا يعني عدم وجود القتل إلى يوم القيامة، ولو لم يوسوس الشيطان لقابيل لوسوس لغيره من بني البشر، لأن الحسد والوسوسة موجود في الشيطان ولم إذ شرع الله تعالى الجهاد إذن؟ والجهاد لا بد أن يحصل فيه القتل، كما أن الدفاع عن النفس مشروع، فلو قدم أحد لقتلك ألا تدافع عن نفسك!؟
- والقرآن الكريم يصور لنا أول حادثة في القتل والتي حدثت بني ابني آدم عليه السلام،
قال الله تعالى: (واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ *فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ *فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) سورة المائدة آية (27-31).
-فيتبين لنا من هذه الآيات الكريمة بأنه دار بين الأخوين صراع بين الخير والشر وبين الحق والباطل، وكيف أن المعصية يتبعها الندم والحسرة والمرارة التي تكون في نفس العاصي بعد ارتكابها للجريمة؟ وتكون هذه العقوبة في الدنيا محملة بالغم والهم الذي يصيب صاحبها، أما عقوبة الآخرة، فإنها من العقوبات الشنيعة الشديدة التي تكون مصيرها جهنم وبئس المصير؟
فهناك بعض الروايات ذكرت بأن الشيطان هو من وسوس لقابيل قتل أخيه.
- فقد ذكر ابن جريج: بأن قابيل لم يدر كيف يقتل أخاه، فتمثّل له إِبليس، وأخذ طائِرًا فوضع رأسه على حجر، ثم شدخه بحجر آخر، ففعل به هكذا.
-وإن من أسباب قتل قابيل لأخيه هو الحسد. والحسد موجود إلى يوم القيامة سواء كان في عهد أبونا آدم عليه السلام أم في عهد غيره من الأنبياء والعصور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
- والنفس البشرية فيها الخير وفيها الشر وهي مجبولة على حب الهوى والتملك والشهوات لذلك جاء التعبير القرآني بقوله تعالى: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة: 30].
- وقد ذكر الإمام الطبري وأنب الجوزي رحمهم الله تعالى بأن القتل وقع بشدخ رأسه بحجر، حيث أتاه يومًا وهو نائم في الجبل، فرفع صخرة، فشدخ بها رأسه فمات.
- وقال ابن كثير في تفسيره: قال السدي، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن عبد الله، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: {فطوعت له نفسه قتل أخيه} فطلبه ليقتله، فراغ الغلام منه في رؤوس الجبال، فأتاه يومًا من الأيام وهو يرعى غنمًا له، وهو نائم فرفع صخرة، فشدخ بها رأسه، فمات.
- وقال ابن جريج: تمثل له إبليس وأخذ طيرًا، فوضع رأسه على حجر، ثم شدخ رأسه بحجر آخر، وقابيل ينظر إليه، فعلمه القتل، فرضخ قابيل رأس هابيل بين حجرين، قيل: قتل وهو مستسلم، وقيل: اغتاله وهو في النوم، فشدخ رأسه فقتله. نقله جماعة من المفسرين كالثعلبي، والبغوي، وابن عطية، وابن عادل.
- وقد ورد أربعة أقوال في كيفية قتل قابيل لهابيل:
القول الأول: وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه رماه بالحجارة حتى قتله.
القول الثاني: وهو كذلك مروي عن ابن عباس ومجاهد: أنه قد ضرب رأسه بصخرة وهو نائم فقتله.
القول الثالث: قاله ابن جريج: لم يدر كيف يقتله، فتمثّل له إِبليس، وأخذ طائِرًا فوضع رأسه على حجر، ثم شدخه بحجر آخر، ففعل به هكذا.
القول الرابع: قاله ابن كثير: وعن بعض أهل الكتاب: أنه قتله خنقًا، وعضًّا، كما تقتل السباع.