لماذا يتجنب شيوخ السلفية الخوض في قصة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٢ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
إن مذهب أهل السنة والجماعة هو الكف عن الخوض في هذه الفتن التي دارت بين الصحابة، واعتقاد أنها كانت عن اجتهاد منهم، المصيب فيه له أجران والمخطئ له أجر، وأن تلتزم بمقولة عمر بن عبد العزيز المشهورة: " تلك فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا"
- وحتى لا يخوضوا في حديث أعراض غيرهم من المسلمين ممن شهد لهم بالخيرية والأفضلية عن سائر البشر .
 
 - أما قصة اختيار عثمان بن عفان للخلافة فكانت عن طريق مبدأ الشورى بين الصحابة:
كما رواها الطبري، وابن الأثير، وهي: أنه لما طعن عمر بن الخطاب، دعا ستة أشخاص من الصحابة، وهم:
1- علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
2- وعثمان بن عفان رضي الله عنه.
3- وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
4- وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
5- والزبير بن العوام رضي الله عنه.
6- وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
- وكان سبب دعوتهم ليختاروا من بينهم خليفة، وعلم العباس بالأمر، فقال لابن أخيه علي: لا تدخل معهم.
فقال: إني أكره الخلاف. قال: إذن ترى ما تكره،
وذهب المدعوون إلى لقاء عمر، إلا طلحة بن عبيد الله، فقد كان في سفر، فلما اجتمعوا عند عمر، قال لهم: تشاوروا فيما بينكم، واختاروا للخلافة واحدًا منكم .
- ودعا المقداد بن الأسود، وقال له: إذا وضعتموني في حفرتي، فاجمع هؤلاء الرهط في بيت؛ حتى يختاروا رجلًا منهم، وأحضر معهم عبد الله بن عمر؛ ليكون مشاورًا، وليس له شيء من الأمر، وقم على رؤوسهم، فإن اجتمع خمسة، ورضوا واحدًا منهم، وأبى السادس اختياره، فاضرب رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة، فرضوا رجلًا، وأبى اثنان، فاضرب رأسيهما بالسيف، فإن رضي ثلاثة رجلًا منهم، وثلاثة رجلًا منهم، فحكموا عبد الله بن عمر، فأي الفريقين حكم له، فليختاروا، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر، فليكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فخرجوا من عند عمر، وتلقى العباس عليًّا، فقال له علي: عدلت عنّا -أي: خرجت منا الخلافة-،
فقال العباس: وما علمك؟ قال: قرن بي عثمان، وقال عمر: كونوا مع الأكثر، فإن رضي رجلان رجلًا، ورجلان رجلًا، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفان، فيوليها عبد الرحمن عثمان، أو يوليها عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي، لم ينفعاني ما دام الرجحان للثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن، فقال له عمه العباس: لم أرفعك في شيء، إلا رجعت إليّ مستأخرًا بما أكره، أشرت عليك عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسأله فيمن هذا الأمر، فأبيت، وأشرت عليك بعد وفاته أن تعاجل الأمر، فأبيت، وأشرت عليك حين سماك عمر في الشورى ألا تدخل معهم، فأبيت، احفظ عني واحدة، كلما عرض عليك القوم، فقل: لا، إلا أن يولوك، واحذر هؤلاء الرهط، فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنا به غيرنا،

- فلما مات عمر، وأخرجت جنازته تصدى علي، وعثمان، أيهما يصلي عليه، فقال عبد الرحمن بن عوف لهما: كلاكما يحب الإمرة، لستما من هذا في شيء، فليصل عليه صهيب، فقد استخلفه عمر بعد طعنه ليصلي بالناس؛ حتى يجتمعوا على إمام، فصلى عليه صهيب،

- فلما دفن عمر، جمع المقداد أهل الشورى في بيت المسور بن مخرمة، وكانوا خمسة، ومعهم عبد الله بن عمر، وطلحة بن عبيد الله غائب، فتنافس القوم في الأمر، وكثر بينهم الكلام، فقال عبد الرحمن بن عوف: أيكم يخرج نفسه منها على أن يوليها أفضلكم؟ فلم يجبه أحد، فقال: أنا أخلع نفسي منه، فقال عثمان: أنا أول من رضي، وقال القوم: قد رضينا، فقال: أعطوني مواثيقكم على أن ترضوا من أختار لكم، وعليّ ميثاق الله ألا أخص ذا رحم لرحمه، ولا آلو المسلمين، فأخذ منهم ميثاقًا، وأعطاهم مثله، وخلا بعلي بن أبي طالب، وقال له: أرأيت لو صرف هذا الأمر عنك، فلم تحضر، فمن كنت ترى من هؤلاء الرهط أحق به؟

- قال: عثمان، وخلا بعثمان، وسأله ما سأل عليًّا، فقال: علي، ثم خلا بكل من الزبير، وسعد بن أبي وقاص، فكلمهما بمثل ما كلم به عليًّا، وعثمان، فقالا: عثمان، ودار عبد الرحمن لياليه، يلقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن وافى المدينة من أمراء الأجناد، وأشراف الناس يشاورهم، ولا يخلو برجل إلا أشار عليه بعثمان، حتى إذا كانت الليلة التي يستكمل بها الأجل -وهي ثلاثة أيام، كان عمر حددها لهم، دعا عبد الرحمن أهل الشورى، ودعا الناس إلى المسجد، ونادى عليًّا، فقال له: عليك عهد الله، وميثاقه، لتعملن بكتاب الله، وسنة رسوله، وسيرة الخليفتين من بعده؟ قال: أرجو أن أفعل، وأعمل بمبلغ علمي، وطاقتي، ونادى عثمان، فقال له مثل ما قال لعلي، قال عثمان: نعم، فرفع عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد، ويده في يد عثمان،

- فقال: اللهم اسمع واشهد، اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان، فبايعه، فقال علي: ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون، والله ما وليت عثمان، إلا ليرد الأمر إليك، فقال عبد الرحمن: يا عليّ، لا تجعل على نفسك سبيلًا، فإني قد نظرت، وشاورت الناس، فإذا هم لا يعدلون بعثمان، وازدحم الناس يبايعون عثمان، وتلكأ علي، فقال عبد الرحمن: فمن نكث، فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بمن عاهد عليه الله، فسيؤتيه أجرًا عظيمًا، فرجع علي يشق الناس؛ حتى بايع، وهو يقول: (خدعة وأيما خدعة)،

- ويقول الطبري: وإنما سبب قول عليّ: خدعة، أن عمرو بن العاص كان قد لقي عليًّا في ليالي الشورى، فقال له: إن عبد الرحمن رجل مجتهد، وإنه متى أعطيته العزيمة، كان أزهد له فيك، ولكن الجهد، والطاقة، فإنه أرغب له فيك، قال: ثم لقي عثمان، فقال له: إن عبد الرحمن رجل مجتهد، وليس -والله- يبايعك إلا بالعزيمة، فأقبل. فلذلك قال عليّ لما سأله عبد الرحمن: هل يعمل بكتاب الله، وسنة رسوله، وسيرة الخليفتين من بعده، أرجو أن أفعل، وأعمل بمبلغ علمي، وطاقتي؛ آخذًا بنصيحة عمرو بن العاص، وأجاب عثمان على نفس السؤال بقوله: نعم، دون تردد؛ آخذًا بنصيحة عمرو بن العاص.   


- المصدر : موقع إسلام ويب