لماذا لم يحرم رسول الله صل الله عليه وسلم الرق وملك اليمين فورا

1 إجابات
profile/بتول-الحمصي
بتول الحمصي
ماجستير في الشريعة الإسلامية (٢٠١٦-٢٠١٩)
.
٣٠ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
" يجب علينا في بداية الأمر أن نعلم أن الرّق وملك اليمين لم يكن بدعة جاءت مع مجيء الإسلام، إنما هو أمر درج مسبقًا عند الروم والفرس والبابليين واليونان وقد أقره أفلاطون وأرسطو.

إلا أن الاختلاف بين الإسلام وغيره في هذا الأمر كان "الهدف"، فعند الأقوام السابقة كان الهدف منه الاختطاف، واللصوصية. فالاستعباد وسوء المعاملة من امتهانٍ واحتقار وسوء استعمال كان أساسًا في الرّق لديهم، ثم جاء الإسلام وحصر الأمر "وضيّق مورد الرِّق" كما قال الشيخ عبدالله البسام فالأصل في الإسلام الحريّة، والرِّق ومُلك اليمين طارئ.

الحرب هي السبب الرئيسي وقد يعتبر الوحيد للرّق في الإسلام حيث أنه يوافق العقل فمن المنطقي أن يتم أسر من يقف عائقًا في سبيل تقدّم دعوتي ومن يمنعني عنها!

ومع ذلك لم يكن الأمر عبثيٌ في ديننا بل جاء للرّق وملك اليمين أحكام شرعية تطبّق في حقهم حتى لا يُظلم أحدٌ على حساب أحد. 

فلهم حُسن المعاملة وطيب الخلق وحق الراحة وعدم الاستعمال فيما لا يطيقون، بل كرّمهم الإسلام وجعل لهم حقوق وجعل الأفضلية بينهم وبين الأحرار تُقاس بمقياس التقوى فحسب لا بمقاييس الدنيا والهوى فقد قال الله تعالى: ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13]

و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في توصيتنا بهم: "الصَّلاة، وما ملكت أيمانكم" [رواه أحمد ]
 وقال عليه الصلاة والسلام: " للمملوك طَعَامُهُ وقُوتُهُ، ولا يكلَّف من العمل ما لا يطيق " [رواه مسلم]

وقال صلّى الله عليه وسلّم: "هم إخوانكم وخَوَلُكُمْ، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإنْ كلفتموهم، فأعينوهم" [رواه البخاري ومسلم].
 حتى في مناداتنا لهم يجب أن نراعي مشاعرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "لا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتايَ وفتاتي" [رواه البخاري ومسلم]
 
وقد كان الشرع الحنيف يحثّ دائما على تحرير الرقاب وإعتاقها وقد كان هذا لدينا أصلًا، بل وسببًا للتخلُّص من الآثام، والتحلُّل من الأّيْمَان، ووَعَدَ عليه النجاة من النَّار، والفوزَ بالجنَّة. فالعتق هو الكفَّارة الأولى في الوطء في نهار رمضان، وفي الظهار، وفي الأيمان، وفي القتل الخطأ." [1]

والنتيجة التي نصل إليها هي أن الإسلام جاء في الأصل ليُحرّر لا ليأسر، والأسر لدينا حاجةً تكون لهدفٍ محددٍ بشروطٍ وأحكامٍ واضحةٍ تحفظ الحقوق والواجبات، ومن عليه التبرير فعلًا هو من لا زال حتى يومنا هذا يُقيّم على أساس اللّون والعِرْقِ والدِّينِ، ويأسر الفكر قبل الجسد، ويحصُرُ الحريّة بدين ولون وعرقٍ معين، فيُقتل "الأسود" للونه كما قُتِل جورج فلويد، ولا يحصل الأفارقة على الترقية لعرقِهم بالرغم من تميّزهم، ويُنتزع حجاب المرأة المسلمة في الشوارع فقط لاتخاذها القرار بالالتزام الديني دون مبررٍ سوا العبودية للتعصّب. 



[1]  منقول بتصرّف من: عبدالله بن عبدالرحمن البسام/ توضيح الأحكام من بلوغ المرام / مكتبة الأسدي/ مكة المكرمة/ 2003م/ الجزء السابع / ص 239-242