عُرف الهدهد في زمن سليمان عليه السلام، أنه كان يدل سليمان على الماء، حيث أنه إذا كان سليمان وقومه في أرض فلاة، طلب سليمان الهدهد، فيبدأ بالبحث في الأرض كما يرى الإنسان الظاهر على وجه الأرض، ويعرف مقدار بعده عن الأرض، أي نبع الماء الموجود في جوف الأرض، وعندما يعرف مكان الماء يدل سليمان عليه السلام عليه، ثم يأمر سليمان الجن بحفر المكان حتى يستنبطوا الماء من جوف الأرض.
وفي يوم من الأيام عندما نزل سليمان عليه السلام في أرض، بدأ يبحث عن الهدهد بعينيه فلم يجده، ولهذا قال الله تعالى في القرآن على لسان سليمان عليه السلام: " فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ" سورة النمل / 20.
وفي قول آخر قيل: إن سليمان عليه السلام كان في مجلسه يتفقد جنوده، وعندما كان يتفقد جيش الطيور، بحيث أنه كان يأتيه نائب عن كل جيش ليحصيهم، وفي ذلك الوقت لم يكن الهدهد حاضراً دوناً عن كل الطيور الأخرى، فقال سليمان عليه السلام: " فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ" أي بمعنى أخطأه بصري من الطير، أم غاب ولم يحضر.
والتقدير أن الهدهد كان من الغائبين، وغيابه كان دون إذن من سليمان عليه السلام، وفي هذا دليل على أنه لا أحد من جنود سليمان يحق له الغياب دون إذن، وفي هذا أيضاً دلالة على حرض سليمان عليه السلام وصرامته مع جنوده ومعرفته بكل فرد منهم، سواء من الطير أم الجن أو الإنس، وقدرته على ضبط كل هؤلاء الجنود رغم تنوعهم وكثرة عددهم.
المصدر
تفسير ابن كثير