لماذا تُضحكنا النّكات التّافهة (مثل نكتة الفيل الذي يلبس شورت أزرق لأنّ الأحمر في الغسّالة)؟

1 إجابات
profile/أريج-عالية-1
أريج عالية
educational consultant في freelance (٢٠١٨-حالياً)
.
١١ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
    ولماذا يعتبر البعض أن هذه النكتة أو غيرها ذات محتوى تافه؟ ما المعايير التي وُضعت لتقييم محتوى الدُّعابات والنكات؟ من الذي يقرر أنّ هذه نكتة ممتعة وطريفة والأخرى لا؟. حتى لو كان هناك معايير محددة للنكات والدعابات، ففي يوم ما سنضحك من نكتة لا معنى لها.  يلعب الضحك دورًا اجتماعيًا مهمًا، حيث يشير إلى الراوي النكتة أننا نشارك وجهة نظرهم حول العالم وأننا ندرك نواياهم الذكية. في بعض الأحيان، تنشأ هذه القهقهة بشكل عفوي من مرح حقيقي، وفي أحيانٍ أخرى تكون إستراتيجية: فنحن نكرّم أنفسنا مع الراوي من خلال إخبارهم بأننا نقدر فكاهتهم. لكن في حقيقة الأمر، معظم ضحكاتنا ليست بسبب النكات. غالبًا ما نضحك كثيرًا عندما نتحدث، ولكن مجددًا، نحن نستخدم "الضحك الطوعي" كأداة اجتماعية، لنقل مشاعر التقارب والمرح إلى الأشخاص الذين نتعامل معهم.

      قام العلماء بدراسة ظاهرة الضحك على النكات، ليتوصلوا لبعض النظريات التي تشكّل منطقًيا عمليًّا لما يربطنا كأشخاص ببعض النكات غير المضحكة. لنستعرض تلك النظريات.

* نظرية التفوق:
لمّح أفلاطون لفكرة هذه النظرية، فالنكتة مشتقة من مصائب الآخرين، ولذلك تجعلنا متفوقين نسبيًّا. يعبر ضحكنا عن مشاعر التفوق على الآخرين أو على الحالة السابقة لأنفسنا. من المؤيدين المعاصرين لهذه النظرية روجر سكروتون، الذي يحلل التسلية على أنها "هدم يقظ" لشخص أو شيء مرتبط بشخص ما. يقول سكروتون: "إذا كان الناس يكرهون السخرية منهم، فذلك بالتأكيد لأن الضحك يقلل من قيمة موضوعه في عيون الشخص"

* نظرية الإغاثة:
حسب سيغموند فرويد، أن هذه النظرية تعمل على تقليل التوتر وانطلاق "الطاقة النفسية" أو إطلاق للطاقة العصبية. ويعتقد أن استمرارتكدُّس التوتر يتأصل في كل النصوص السينمائية الكوميدية، وحتى ندرك الدعابة علينا إطلاق التوتر، فيرتبطان ببعضهما ارتباط مباشر. تم استخدام هذه النظرية لشرح هوسنا بالموضوعات الممنوعة، ولِم قد نجِدها مضحكة. وقد تم اعتماد هذه النظرية كأساس منطقي للعديد من الدراسات والأبحاث التي يمكن أن تثبّت العديد من الفوائد العضوية والنفسية للضحك، والذي يؤدي لتحسن الصحة النفسية والشعور بإيجابية، فيحِّد من القلق والتوتر وقد يصل الأمر للتخفيف من الألم الجسدي.

* نظرية الانتهاكات الحميدة:
اشتقت هذه النظرية من "نظرية الانتهاك" لتوماس فيتش، التي تصف طرقً مختلفة لتضارب الأفكار. وهي تؤيد أن كل أنواع الفكاهة تستمد من شروط ثلاثة، هي:

1. هناك نوع من الانتهاك للقواعد، سواء كان للمعايير المادية؛ مثل رش الماء عن قصد على شخص في الجو البارد، أو للمعايير الأخلاقية؛ مثل سرقة سيدة عجوز، أول للمعايير الاجتماعية؛ انفصال الزوج عن زوجته برسالة صوتية.
2. وجود سياق آمن أو حميد لتحدث عملية الانتهاك.
3. هذه النقطة تلقي الضوء على تفسير النقطتين معًا، فينظر الشخص إلى  أي انتهاك يراه أو يقرأه أو يفسره بأنه مفيد أو ضار بشكل نسبي. فالبعض يعتقد أن الانتهاك مثير للاشمئزاز والبعض الآخر يعتبره مسليًّا، ومثال على ذلك النص السينمائي الذي يروي قيام المحاسبين  أو المعلمين في المدارس بجمع التبرعات المدرسية، فالمجتمع المدرس يجد هذا الانتهاك غير مقبول بسبب قيمة المدرسة، والخوف من التعميم. بينما بعض الطلبة أو كارهي الدراسة أو غير المتعلمين أو أي فئة مجتمعية تعتبر الموقف مسليًّا، مما يولد انتهاك حميد.

* نظرية التضارب أو التنافر:
تعتقد  هذه النظرية بوجود مفاهيم لا تتوافق معًا على نحو رئيسي، أو بوجود قرارات قد تكون غير متوقعة وبنفس الوقت مضحكة. هنا، يتم وصف الدعابات على أنها التباين أو التناقض بين الواقع وما نتوقعه. يمكن الاستعانة "بنظرية التناسق" كحل للتضارب الناشيء عن إدراكنا للفكاهة في الدعابات خاصة المكتوبة. يقول شيشرون، في On the Orator (الفصل 63)، أن "أكثر أنواع النكات شيوعًا هي تلك التي نتوقع فيها شيئًا ويقال آخر؛ هنا تجعلنا توقعاتنا المخيبة للآمال نضحك". فالتلاعب بالكلمات  قد يأخذ معنيين مختلفين تممًا وهذا يعتمد على كيفية قراءتنا للنكتة المكتوبة.  وتعد هذه النظرية جزء من نظرية الانتهاكات الحميدة. تم اتباع هذا النهج مسبقًا جيمس بيتي وإيمانويل كانط وآرثر شوبنهاور وسورين كيركيغارد والعديد من الفلاسفة وعلماء النفس اللاحقين. إنها الآن النظرية السائدة للفكاهة في الفلسفة وعلم النفس.

      في نهاية المطاف، لا بأس من الضحك للحصول على راحة نفسية، وتفعيل الطاقة الإيجابية. فمن الصعب تخيل نظرية واحدة للفكاهة تشمل جميع الحالات بنجاح من التهريج إلى النكات. وهل يمكن للنظرية تفسير أطرف نكتة في العالم؟ قد تخبرنا الأيام ذلك!.

المراجع:

 

 

 

 

 

 

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 2 شخص بتأييد الإجابة