الحالة التي تمر بها
طبيعية جدًا ونمر بها جميعًا، ومن الطبيعي أيضًا أن تواجه مشكلة في صب كل تفكيرك على الحاضر. فسواء كنت تَضيع في التفكير بالمستقبل وبالأمور التي تخطط بالقيام فيها به، أو بالماضي وكيف كان بإمكانك التصرف بالمواقف التي مررت بها فيه بطريقة أفضل، أنت ستفضل التفكير بهم على الحاضر الذي يشعرك بالتوتر والخوف، لعدم معرفتك مسبقًا ما سيحدث به وعدم قدرتك بالتخطيط له؛ فالخيار الوحيد الذي تمتلكه بالحاضر هو البدء والقيام بالعمل.
وكونك طرحت هذا السؤال يعني أنك أدركت وقوعك في هذه المشكلة، وهذا وحده نصف الحل. أود أن
أبشرك بأن إدراكك لهذه المشكلة يعني أنك وفي لحظة ما عدت للحاضر وعشت فيه بتركيز؛ فمن المستحيل أن تدرك ما تمر به وأنت تتجول في الأحلام الوردية المستقبلية. سأستعرض لك بعض
الأفكار التي ستفيدك لتعود للفترة الزمنية الوحيدة التي يمكنك التحكم بها.
1) خصص وقتًا لنفسك للتفكير: خصص لنفسك فترة زمنية بشكل أسبوعي واستخدمها للتخطيط للمستقبل (سواء للأسبوع أو الشهر القادم، أو الـ 5 سنوات القادمة). فالتفكير والتخطيط للمستقبل أمر
مهم وصحي جدًا؛ المشكلة الحقيقية تبدأ عندما لا تضع تفكيرك به ضمن حدود صحية، فالمستقبل لا يمكن التنبؤ به ومهما حاولت التخطيط له مطولًا ستحدث أمور خارجة عن سيطرتك وخطتك، وعدم السماح لتفكيرك بتجاوز هذه الفترة سيساعدك على تجاوز رغبتك بالتحكم بالمستقبل.
2) قم بفحص جسدي: ولا أعني بذلك أن تقوم بزيارة الطبيب؛ المقصود هو أن تقوم بالتركيز بشكل يقظ على جميع أجزاء جسدك والإحساس بهم. يمكنك القيام بذلك باتباع الخطوات الآتية:
* اجلس بوضعية ترتاح لها -سواء كانت الجلوس أو الاستلقاء- وقم بأخذ أنفاس عميقة.
* ركز على الطريقة التي تأخذ بها الشهيق من أنفك، وطريقة خروج الزفير من فمك.
* ابدأ بالتركيز على جسدك من أصابع قدميك، وانتبه على نوع عواطفك وعلى الإحساس المتواجد في هذا الجزء؛ هل أصابع قدميك باردة؟، هل تشعر بالألم فيها؟.
* بعد وضع تركيزك لبضع ثواني على أصابع قدميك، انتقل باتجاه الأعلى للجزء الذي يليها؛ والذي وهو القدمين ثم نصف ساقيك ثم ركبتيك وهكذا حتى تصل إلى فروة شعرك.
3) قم بكتابة الصفحات الصباحية: فبعد استيقاظك صباحًا حاول كتابة جميع الأفكار التي تمر في عقلك في هذه الأثناء على مذكرتك، بإمكانك حتى الكتابة عن ذلك الحلم الغريب الذي حلمت به ليلتها. يمكنك كتابة صفحة واحدة أو عدة صفحات؛ فلا يوجد طريقة صحيحة أو خاطئة في كتابة هذه الصفحات، ولا تحتاج أن تكون كاتب محترف فيها، فَفكرتها هي تفريغ عقلك من جزء من الأفكار المتواجدة في عقلك منذ بداية اليوم، لتخفف الثقل عن عقلك وتبدأ اليوم بتركيز.
4) مارس رياضة اليوغا: فهي لن تدفعك فقط على الحفاظ على صحتك ورشاقتك، ستساعدك أيضًا على تعلم صب تركيزك على الحاضر؛ فهي تحتاج إلى أن تتنفس بعمق وتنتبه على الأنفاس التي تقوم بأخذها، وهذه الأنفاس سترغمك على التركيز بالآن، فالوقت الوحيد الذي يمكنك التنفس فيه فعليًا هو الحاضر.
وكمية التركيز التي تحتاجها لتقوم بالوضعيات المطالب بها هائلة حقًا؛ فستنسى وجود فترة زمنية تسمى المستقبل من شدة تركيزك على البدء بوضعية صحيحة، ثم البقاء عليها لفترة من الزمن، ثم انتقالك بسلاسة للوضعية التي تليها.
5) خذ نزهة خارجًا: سواء كانت قصيرة حول منطقتك السكنية، أو طويلة كالتمشي في المناطق الطبيعية. في هذه الأثناء قم بتركيز جميع حواسك على ما هو حولك؛ انتبه للطريقة التي تخطو بها أقدامك الأرض، ولأنفاسك التي تأخذها وتخرجها، وللأصوات المختلفة التي تلتقطها أذنيك، انتبه للأشجار وألوانها من حولك ولتفاصيل المباني في المنطقة.
6) لا تيأس: ستحتاج لتكرير الأفكار والتمارين السابقة لفترة من الزمن لترى أثرها على حياتك، وهذا يعني العديد من المحاولات والتجارب الفاشلة.
لا تستسلم أبدًا وذكر نفسك دائمًا بأن الأمر يحتاج بطبيعة الحال لوقت طويل. في كل مرة تجد أفكارك تسافر إلى المستقبل وتنفصل عن الحاضر، قم بإرجاعها على الفور حتى ولو قمت بذلك لمئة مرة، النتيجة تستحق المحاولة حقًا.
للمزيد تابع المرجع الآتي:
*
https://positivepsychology.com/present-moment/