الجميع يمر بأوقات عصيبة، بغض النظر عن الجنس أو الجنسية أو التوجهات الدينية او السياسية او الثقافية، ولكن نختلف في تجاوبنا وردات أفعالنا بحسب مفاهيمنا الشخصية للأمور.
فأنا شخصيا، كلما زاد بي العمر، اكتشف ان الحياة ليست منحدرا صاعدا، ولا هابطا. لا هي جبل علي صعوده، ولا لعبة افعوانيه علي النزول بها، انما هي مسيرة فيها مزيج من كل تلك الانعطافات، وليست هناك حالة ثابتة، ولن يبقى حال على ما هو عليه، وأذكر نفسي دائما بأن مع العسر يسرا.
أما بالنسبة للآخرين، فيجد المسلم مثلا عزائه عند الضيق في الرجوع الى الله، والتضرع له و قراءة القرآن، وقضاء الوقت في المسجد وقيام الليل والصيام، وطلب المغفرة من الله.أما المسيحي فيرتاح قلبه في ارتياد الكنيسة، والاعتراف لرجال الدين المسيحي بقصد تطهير نفسه من ذنوبه، وطلب الغفران منهم، والدعاء للرب بأن يقويه و يهديه الى الأمر الأصح كي لا يضل ويقع في المحظور.
وكذلك الامر لمعتنقي الديانات الاخرى التي تزيد عن عشرة آلاف ديانة حول العالم "المصدر موسوعة باريت طبعة عام 2011 م"، كل منهم يلجأ إلى الإله الذي يعبده ليرجوه أن يزيل همه ويعفو عنه.
أما الملحد، وهو الشخص الذي لا يؤمن، ويشكك بوجود إله أو آلهة، فإنه يتعامل مع مشاكله بطريقة مختلفة، كل بحسب ظروفه وعادته وشخصيته وما يجده مريحا له. هو إنسان لا يؤمن بوجود يوم الآخرة ليحاسبه الله على أفعاله، لا يرجو مكافأة على افعاله الخيرة، ولا يخشى عقابا على افعاله السيئة، انما يقوم بالتصرف بحسب مفاهيمه واخلاقه ومصالحه الشخصية، دون الاعتماد على مرجعية روحانيه.
لا يستمد الملحد قوته من قوة الهية يلجأ لها في ضعفه،بل هو يفضل العلم والمنطق والحقائق على الروحانيات، ولا يعني ذلك أن الملحد لا يمتثل للأخلاق الانسانية، أو انه يسيء الى الآخرين، إنما هو فقط يمتلك طريقة مختلفة في التفكير عن المؤمن، وعندما تشتد عليه الامور، يعود لاجئا للتخفيف عن نفسه بطريقة او بأخرى.
يتكيف الملحد مع الواقع بطريقة تجعله يرى الأمور بمنطقية: منهم من يعود الى أهله أو أصدقائه في وقت الشدة والضعف، ليستمد منهم الدعم النفسي والاطمئنان،وليستمع إلى نصائحهم المليئة بالحب والاهتمام، ومنهم من يلجأ إلى شخص خبير ليستشيره بالأمر الذي أضناه، فهو يبحث عن حلول منطقية لحل اموره، فيراجع طبيبا أو محاميا أو استشاريا بحسب حاجته. ومنهم من يشاهد الفيديوهات التوعوية المنتشرة بكثرة في الآونة الاخيرة على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع المتخصصة، ومنهم أيضا من يلجأ الى قراءة الكتب المختصة، للاطلاع على مصادر علمية موثوقة مثلا.
كذلك سماع القصص المشابهة من اشخاص اختبروا نفس الظرف او المشكلة، وقد يساعده أحيانا الاستماع إلى الأغاني أو الموسيقى أو مشاهدة الأفلام الاجتماعية او الوثائقية بحسب ما يمر به الشخص الملحد وما يتناسب معه.