كيف نوفق بين فكرة ثبوت القضاء والقدر وبين كون الإنسان مخيراً في الدنيا

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
١٠ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان الستة ، ولا يكتمل إيمان العبد حتى يؤمن به إماناً متيقناً جازماً .

- ولا يوجد تعارض بين ما كتبه الله تعالى في علمه الأزلي من ( القضاء والقدر ) وبين كون الإنسان مخيراً في الدنيا في أفعاله وأقواله ومعتقداته ، لأن الله يعلم أن الإنسان سيختار هذا الأمر فكتبه عليه .

- وأضرب في ذلك مثالاً : أنا مدرس وعندي طالب في الفصل لا يفرق بين حرفي الحاء والخاء - يعني غبي جداً - وأخبرتهم أنه سيكون عندهم غداً اختبار في المادة ، وفي الليل وأنا أعد الاختبار قلت أنا الطالب فلان ( الضعيف جداً ) سوف يحصل على صفر وقد أكون قد وضعت له صفر مسبقاً ، وفعلاً في يوم الاختبار حصل الطالب الضعيف على علامة صفر / السؤال : هل هناك علاقة لعلمي في أنه سيحصل على علامة صفر في التأثير على إرادته ودراسته ؟؟؟ الجواب : أكيد لا .

- فالله تعالى بعلمه المسبق ( الذي يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون) يعلم أن فلاناً سيختار طريق الخير فكتب له السعادة في الدنيا وقرر أنه سعيد وهو في بطن أمه ، وفلان آخر سيختار طريق الشر بمحض إرادته واختياره فقرر وكتب له أنه شقي في الدنيا والآخرة .

- والإنسان مخير فيما يعلم ويقدر على فعله بكامل إرادته وعقله وبالتالي فهو محاسب على اختياره إن كان خيراً فخير ، وإن كان شراً فشر ، ولا يقول أن الله تعالى كتب عليّ الشر أو الفقر أو الكفر أو عدم التوفيق وغيرها من الأمور السلبية ، فالله تعالى لا يريد بالإنسان إلا الخير ، ولكن الإنسان يتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأماني .

- كذلك الإنسان مسيّر في الأمور التي لا يتحكم بها ولا تكون فيما يختار : مثل النوم والنفس الذي يتنفسه والرؤيا في المنام وغيرها .
 
- وقال كثير من أهل العلم قال : لا فرق بين القدر وبين ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ فالقدر هو نفسه المكتوب على الإنسان قبل أن يولد ، وبعضهم قال : أن المكتوب هو الأول والأزلي وفي علم الله تعالى ، بينما القدر هو ما يحصل للإنسان في حياته من تقدير الله تعالى في المكتوب عليه .

 -إن ما كتب في اللوح المحفوظ، لا يبدل، ولا يغير، ولا يمحى، وهو كائن إلى يوم القيامة ، وهو ما سمى ( بالقضاء المبرم أو المكتوب  ) بينما صحف الملائكة تقبل فيها التغيير والمحو وتبديل السيئة بحسنة والعكس صحيح ، وهو ما يسمى ( بالقضاء المعلق أو بالقدر 

  • فاللوح المحفوظ ( المكتوب ) : هو ذلك الكتاب الذي كتب الله فيه مقادير الخلق قبل أن يخلقهم. وما كتب في اللوح المحفوظ لا يغير ولا يبدل إلا ما شاء الله .
 -قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) الحديد: 22 ]  قال القرطبي يعني اللوح المحفوظ.

- وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض) رواه البخاري 

  • وقد ورد عن ابن عباس في وصفه للوح المحفوظ  أنه قال: (اللوح من ياقوتة حمراء أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك ، كتابه نور، وقلمه نور ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء: يرفع وضيعاً، ويضع رفيعاً يغني فقيراً ويفقر غنياً، يحيي ويميت ويفعل ما يشاء لا إله إلاَّ هو)
  • كما ورد  أنه قال:(خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عامٍ فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق: اكتب علمي في خلقي، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة.)

  • ومن وجه ثابت فإن الله تعالى لم يطلع  أحداً من الناس عليه أيا من كان ولو أمكن ذلك لأحد لأطلع عليه رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ، الذي انتهى إلى منتهى لم يبلغه أحد حتى جبريل عليه السلام، وذلك ليلة أسرى به صلوات الله وسلامه عليه. 

  • أما صحف الملائكة ( القدر ) : وهي الصحف التي تكتب فيها الملائكة أعمال وأقوال وأفعال الناس .وقد تتغير وتتبدل حسب عمل الإنسان.

  • والقدر قد يرد بعضه بالدعاء ( فلا يرد القدر إلا الدعاء ) .
- وليس هذا أن نترك الدعاء ونترك العمل بالأسباب، فإن الله عز وجل قدر المقادير بأسبابها، وعلم الله تعالى بأن من يأخذ بالسبب ومن لا يأخذ به، فلا ينبغي أن نترك الأسباب اتكالا على القدر، لأن ما في اللوح المحفوظ لا يعلمه إلا الله.