كيف قامت حضارة بلاد الشام؟

1 إجابات
profile/حيدر-كمال-عبود
حيدر كمال عبود
اهتمام باللغويات والتاريخ القديم
.
١٣ فبراير ٢٠٢٠
قبل ٥ سنوات
تزخر بلاد الشام بالعديد من الحضارات العريقة ذات الجذور الموغلة في عمق التاريخ، وذلك بحكم موقعها الفريد وملاءمتها لاستقرار المجتمعات وممارسة نشاطها البشري، ونذكر منها:

في سوريا: أثبتت الدراسات العلمية أن مدينة دمشق - على سبيل المثال - هي إحدى أقدم المدن المأهولة دون انقطاع تاريخي على مستوى العالم بأسره، ويعود زمان نشوئها إلى المرحلة التي سبقت البدء بالتأريخ الكتابي، أي أنها نشأت قبل ميلاد السيد المسيح بعدة آلاف من السنين. كما شهد ساحل البلاد بزوغ شمس مدينة أوغاريت التي اكتشفت فيها أقدم الألواح الموثقة لنشوء الكتابة الأبجدية، وكانت عقدة تجارية هامة ربطت بين أرجاء المنطقة بحكم موقعها الاستراتيجي وتنظيمها الممتاز. وفي الحقبة الرومانية ازدهرت مملكة تدمر وشيدت العديد من المدرجات الرومانية في أرجاء البلاد.

في الأردن: احتضنت البلاد الحضارة النبطية، وكانت مدينة البتراء المشيدة بأسلوب معماري مذهل في قلب الصخور الشامخة دُرّة التاج كما يقال، وتعد اليوم مقصداً سياحياً رائداً يجتذب السياح والمهتمين بالآثار من جميع أنحاء المعمورة. وقد اشتقّ الخط العربي الحديث الذي نكتب به اليوم من الأبجدية التي كان الأنباط يستخدمونها لتوثيق مجريات حياتهم، وبهذا فقد تركت الأردن بصمتها المميزة على كامل رقعة الجغرافيا العربية. ولا ننسى بالطبع الحواضر الأردنية الهامة بتاريخها القديم الذي تشهد عليه آثارها حتى اليوم، ومنها عمان وجرش.

في فلسطين: مدينة القدس هي العاصمة الروحية لجميع الديانات السماوية (المعروفة بالإبراهيمية نسبة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام)، فهنا عاش الكثير من الأنبياء والمرسلون والصالحون الذين أخبرنا عنهم القرآن الكريم، وهنا نشر السيد المسيح رسالة المحبة والسلام لتصبح رسالة الإنسانية بأكملها في جميع أصقاع الأرض، وهنا المسجد الأقصى المبارك الذي ذكره القرآن الكريم وأدى دوراً محورياً في واقعة الإسراء والمعراج باحتضانه رحلة رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم).

في لبنان: هنا الأرض الخصبة التي ولدت فيها مدن الحضارة الفينيقية المتنوعة، ومنها صيدا وصور وبيروت، وقد اشتهر جبل لبنان منذ الأزل بخشب الأرز الممتاز الذي صُدّر إلى مناطق كثيرة، وجابت سفن الفينيقيين البحر المتوسط لتصل إلى شمال إفريقيا وجنوب أوروبا وتترك آثاراً تاريخية مكتوبة بالأبجدية الفينيقية التي انبثق منها عدد هائل من الأبجديات المختلفة التي يستخدمها مليارات البشر اليوم، بما فيها الأبجديتان اليونانية واللاتينية.