ذكر القرآن الكريم السبب الذي استحق من أجله بنو اسرائيل التيه في الأرض وهو معصية الله ورسوله ( ذلك أنهم رفضوا الأمر بدخول الأرض المقدسة ) وورد ذلك صراحة في سورة المائدة ، قال تعالى على لسانهم : " قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون "(24) ، وكان هذا جوابًا على قوله تعالى : " ويا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين " ( 21) .
فدعا موسى عليه السلام أن يفرق بينه وبين القوم الفاسقين ، وكتب الله عليهم التيه . قال تعالى : " قال رب إني لا أملك إلا نفسي و أخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " (25)
أما في التوراة ، فهي تتفق مع القرآن الكريم في سبب الحكم بالتيه على بني اسرائيل ، وذلك معصيتهم لله تعالى ورسوله موسى عليه السلام ( أنهم رفضوا الأرض المقدسة التي أمرهم الله بدخولها وقتال من فيها ، عندها أخبرهم موسى كما تقول التوراة أنه سينزل عليهم وباء من الله لمخالفتهم أمره .
تقول التوراة : (( وقال الرب لموسى : حتى متى يهينني هذا الشعب ؟ وحتى متى لا يصدقوني بجميع آياتي التي عملت في وسطهم ؟ إني أضرهم بالوباء وأبيدهم ، وأصيّرك شعبًا أكبر وأعظم منهم ))
وكما جاء في التوراة أن موسى عليه السلام طلب من الله أن لا يقتلهم بالوباء حتى لا تقول باقي الشعوب أن الله قتل بني اسرائيل لأنهم رفضوا دخول الأرض المقدسة ، فاستجاب الله لطلبه وكتب عليهم التيه لمدة أربعين سنة .
جاء في التوراة : ((فقال موسى للرب ، فيسمع المصريون الذين أصعدت بقولك هذا الشعب من وسطهم ، ويقولون لسكان هذه الأرض الذين سمعوا أن يارب في وسط هذا الشعب ، الذين أنت يارب قد أظهرت لهم عيناً لعين وسحابتك واقفة عليهم وانت سائر أمامهم بعمود السحاب نهاراً وبعمود نار ليلاً ، فإن قتلت هذا الشعب كرجل واحد ، يتكلم الشعوب الذين سمعوا بخبرك قائلين : لأن الرب لم يقدر ان يدخل هذا الشعب إلى الأرض التي حلف لهم قتلهم في القفر ، فالآن لتعظم قدرة سيدي كما تكلمت قائلاً : الرب طويل الروح كثير الإحسان ، يغفر الذنب والسيئة ولكنه يبرئ بل لا يجعل ذنب الآباء على الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع ، اصفح عن ذنب هذا الشعب كعظمة نعمتك وكما غفرت لهذا الشعب من مصر إلى ها هنا )) (( فقال الرب : قد صفحت حسب قولك ولكن حتى أنا فتملأ كل الأرض بمجد الرب ، إن جميع الرجل الذين رؤوا مجدي وآياتي التي عملتها من معروفي في البريّة وجربوني حتى الآن عشر مرات ولم يسمعوا بقولي ، لن يروا الأرض التي حلفت لهم لآباءهم وجميع اذين أهانوني لا يرونها ))
كما ذكر في التوراة أن مدة التيه كانت أربعين سنة ، فقد جاء في التوراة (( فجثثكم تسقط في هذا القفر ، وبنوكم رعاة في القفر أربعين سنة ، وتحملون فجوركم حتى تفنى جثثكم في القفر ، كعدد الأيام التي تجسستم فيها أربعين يوماً ، للسنة يوم ، تحملون ذنوبكم أربعين سنة فتعرفون ابتعادي ، لأفعلن هذا بكل الجماعة الشريرة المتفقة عليّ ، في هذا القفر يفنون ، وفيه يموتون ))
للمزيد من المعلومات القيمة في هذا الموضوع ، أنصح بقراءة كتاب " تيه بني اسرائيل بين القرآن والتوراة "
المراجع : تيه بني اسرائيل بين القرآن والتوراة / المبحث الثاني / نضال عباس دويكات