لم يرد دليلًا من القرآن أو السنة في قراءة سورة البقرة أو أي سورة معينة لتعجيل الزواج، حيث إنه لم تُذكر في القرآن سورة محددة يقرئها الإنسان تؤدي إلى تعجيل زواجه، ولم يذكر سيدنا محمد هذا في أي نص من نصوص الأحاديث.
لكن أجمع أهل العلم أنه لا حرج في هذا الأمر، فيقرئها المسلم من باب التقرب من الله عز وجل، مثل أي سورة من سور من القرآن لطلب الرزق أو الشفاء، شريطة أن لا يقرن القارئ سورة البقرة بعدد معين، أو زمان معيّن، وأن يستحضر النية في ذلك.
وعلى ذلك، فإن قراءة القرآن لها أثر عظيم في علاج الهم والقلق، وجلب السعادة والطمأنينة، وتيسير أمور العباد، فقال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2-3]
وليعلم السائل أن الزواج رزق للعبد، وبالتالي فهو مقدّر للعبد ومقسوم، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها من الله تعالى، فلا يقلق المؤمن لهذا، ولا حرج في الأخذ بالأسباب من قراءة القرآن والاستغفار، لقوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10- 12].
وقد ثبت عن عمران بن الحصين -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن، يسألون به الناس" حديث حسن [الألباني، صحيح الجامع: 2917]
ومعنى (فليسأل الله به) كما قال المفسرون: أي أن يطلب من الله تعالى بالقرآن ما يشاء من حاجته من أمر الدنيا والآخرة.
إلى جانب ذلك، فليقبل الإنسان على الله تعالى بالصالحات والذكر والدعاء وقراءة القرآن، وليطلب من العفّة وتعجيل الزواج، وأن يرزقه في ذلك الزوج الصالح، وأن يعوضه خيرًا على هذا الصبر، وليعلم أن الله تعالى لا يردّ سائلًا لجأ إليه.
وهنا أنقل للسائل تجربتي الشخصية في هذا الأمر، عندما ألهمني الله تعالى إلى قراءة سورة البقرة على نية تعجيل الزواج، فالتزمت بها ولله الحمد، ولكن لم أقرنها بعدد محدد أو زمان محدد، حتى أتى فرج الله بعد أقل من شهرين، لتتم خطبتي بعد ذلك على الزوج الذي ارتضيته لديني ونفسي.
أسأل الله العظيم أن يمنّ على جميع شباب وبنات المسلمين بخيرة الأزواج، وأن يرزقهم قرة العين التي لا تنقطع.