لقراءة القرآن الكريم وتلاوته أجر عظيم، وهبات من الله ومزايا، ومنافع جليلة، ومِن ذلك ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين بأن من قرأ حرفًا من القرآن الكريم كان له به حسنة، والحسنة بعشر حسنات مثلها، وهذا تأكيدٌ لِمَا يَشتمِلُ عليه القرآنُ مِن عظيمِ الفضلِ والجزاءِ.
فقد روي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ والحسنةُ بعشر أمثالِها لا أقول الم حرفٌ ولَكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ". حديث صحيح [صحيح الترمذي: 2910].
وذلك تصديقًا لقولِه تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]
قال ابن علان في دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: من قرأ حرفًا من كتاب الله القرآن المنزل على رسول الله للإعجاز، بأقصر سورة منه، المتعبد بتلاوته، فله حسنة هي ذلك الحرف المقروء، والحسنة - مجزية: بعشر أمثالها - فالقارئ مجازى عن الحرف الواحد بعشر حسنات...
وقال المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح:
قوله: (من قرأ حرفًا) المراد بالحرف حرف البناء المعبر عنه بحرف الهجاء... قال الشوكاني: والحديث فيه التصريح بأن قارئ القرآن له بكل حرف منه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، ولما كان الحرف فيه يطلق على الكلمة المتركبة من حرف، أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد هنا الحرف البسيط المنفرد، لا الكلمة، وهذا أجر عظيم، وثواب كبير، ولله الحمد.
على العموم، فإن قراءة القرآن الكريم من أبواب الأجر الكبيرة للمسلم، والتي يحرص على التزود منها قدر ما يشاء، وذلك بإخلاصه للنية في هذا العمل، ثم القراءة بتدبر وتفكر، والحرص على تقدير كلام الله تعالى حق قدره، والمتأمِّل لحديثِ الرسول صلى الله عليه وسلم يَجِد فرصة ثمينة لاغتنام الخير والأجر، حيث إن في الفضل الوارد في قراءة كلِّ حرف في القرآن الكريم تبصرة لكلِّ لبيب، وقُربة عظيمة لكل من كان للخير مجيب.
ومن جمال الحديث النبوي أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم أكَّد الأجر العظيم بأن ألفًا حرف، ولامًا حرف، وميمًا حرف؛ وذلك لتحفيز المسلمين على إدراك الأجر، والتزود من هذا الباب العظيم.