برأيك..هل تمثل حدائق الحيوانات وسيلة لحمايتها من الانقراض أم سجنا لها

1 إجابات
profile/سندس-الفقيه-1
سندس الفقيه
هندسة معمارية
.
٢٠ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
لطالما فكرت في هذا السؤال بيني وبين نفسي، ففي كل مرة يتم طرح موضوع المحميات وحدائق الحيوانات، وفي كل مرة أزور فيها حديقة حيوانات، يتبادر إلى ذهني هذا السؤال. أفكر فيه بطريقة أن أصقله على نفسي أي علينا بنو البشر، هل أفضل السجن أم العيش حراً ولو كان في نهايته موت حتمي؟ حتى أنا لا أعرف الإجابة.

لابد أن أصحاب فكرة المحميات وحدائق الحيوانات قد فكروا بهذا الأمر مليّاً قبل أن يقرروا إنشاءها ولابد أن لديهم مبررات لذلك، وكما أغلب الأشياء فلابد أن للأمر حسنات وسيئات.

فعلى سبيل المثال، يؤكد داج إنكيه رئيس حديقة حيوان نورنبرغ أن: "حدائق الحيوان في الوقت الحالي صارت وسيلة حماية لا بديل عنها للحيوانات المهددة بالانقراض". ويضيف أيضاً: "لا يوجد مكان آخر يمتلك هذا القدر من العلم مثل حديقة الحيوان التي تعد الملاذ الوحيد لحماية الأنواع المهددة بالانقراض ومنحها فرصة للنجاة".

وفي الواقع يخطر على بالي أنه يمكن أن نفكر في هذا الأمر على مدى عقود في أنه قد ينتج أعداد كثيرة جراء تزاوج هذه الحيوانات يمكنها من خلالها أن تعيد نفسها إلى الحياة البرية بعد أن يزول عنها خطر الإنقراض، فيكون الأمر أشبه بالسجن غير المؤبد، فبدلاً من أن يُحكم عليها بالقتل والفناء، يكون قد حكم عليها بالسجن غير المؤبد فيكون لديها أمل في النجاة يوماً ما، وإنقاذ سلالاتها بدلاً من الإنقراض والذهاب إلى غياهب الجب.

أما عن الأسباب التي تؤدي إلى انقراض الحيوانات، فتتنوع بين اعتداء الإنسان على بيئتها الطبيعية أو قتلها لأسباب مختلفة غالباً تكون مادية، أو إلى التغيرات المناخية أو إلى الأمراض والتلوث.

فكان لابد من التعامل مع هذا الخطر بعد حدوثه، وربما كان الحل الوحيد فعلاً هو المحميات والحدائق، فعلى الرغم من أن حدائق الحيوان قد لا توفر الظروف المثالية، إلا أنها تساعد في تثقيف الناس بشأن حفظ الأنواع المعرضة للانقراض وتقطع شوطًا طويلاً في حماية الحيوانات المهددة بالانقراض.

اختلفت أشكال الحدائق على مر العصور، فقد بدأت بامتلاك الطبقات الحاكمة بعض الحيوانات من باب التسلية ولم تكن مفتوحة للناس ليشاهدوها، ثم تطور الأمر فأصبحت توضع الحيوانات في حدائق على مرأى الناس، لكنها توضع داخل أقفاص تحد من حركتها وحريتها.

ثم بعد ذلك، جاءت فكرة المحميات والحدائق المفتوحة الواسعة التي تعطي للحيوان حرية أكثر ومجال أكبر للحركة، وفي نفس الوقت تؤخذ الاحتياطات اللازمة لمنع صيدها أو الإعتداء عليها ضمن قوانين وأنظمة معينة.

ولابد من العمل على إدارة حدائق الحيوانات بشكل يضمن توفير بيئة مناسبة لها، سواء من ناحية نظافة المياه وتعقيمها وتغييرها بشكل دوري، أو من خلال توفير درجة الحرارة المناسبة أو التهوية اللازمة أو الغذاء المطلوب، ومحاولة الحفاظ على على ألا تفقد هذه الحيوانات سلوكها وسماتها الطبيعة قدر الإمكان.

وتبقى زيارة هذه الحيوانات من الزيارات التي لا ينساها الواحد منا، فيمكننا من خلالها التعرف على قدرة الله في خلقها، والاستمتاع بجمالها وغرابتها وسلوكها، فهي تُنَمّي المشاعر الإنسانية لدينا تجاه الحيوان وهذا قد يكون سبباً في الوعي على أهمية أخطار الصيد الجائر مما يُكَوّن لدينا الوعي الكافي تجاه هذه القضية لحماية سلالات أخرى من الحيوانات.

على الرغم من أن حدائق الحيوان قد لا توفر الخيارات المثالية، إلا أنه عندما يتعلم الإنسان فهم عالم الحيوان فإن هذا ينمي إحساسه بالحفاظ على هذا العالم، كما قال نيكيش:"حدائق الحيوان ليست بديلا عن توفير الحماية للأماكن الطبيعية التي يعيش فيها الحيوان ولكنها تزيد من شعور الإنسان بأهمية القضية".