ربما إن حاولت إمعان تفكيرك بمفهوم العقل الباطن ستجد نفسك لا تستطيع تحديد ما هو. لا تقلق؛ فحتى علماء النفس والباحثون واجهوا صعوبة كبيرة في تمييزه بمفهوم خاص، لكن في النهاية قرروا أنه حصيلة سمات الشخص الفعلية الشخصية. ولأن هذا المسمى بالعقل الباطن له كبير الأثر علينا من داخلنا، لذا لا عيب في أن نسعى لمحاولة التحكم فيه، وليس بعيدًا أن يكون سببًا رئيسيًا في نجاحاتك. ولكن لا يكون الامر عشوائيًا، إذ عليك أن توجه عقلك الباطن بالطريقة المناسبة والصحيحة حتى لا يحيد عن الطريق المؤدي لنجاح هدفك.
سأخبرك هنا عن بعض الأمور التي من شأنها أن تساعدك بمعرفة الطرق الصحيحة التي تأخذ بها عقلك الباطن إلى صفك.
عامله كما تعامل صديقًا حكيمًا. وذلك عن طريق محاورة داخلية بين عقلك وعقلك الباطن. جرب أن تستشيره، وأن تطلب منه النصيحة فيما تواجه من منغصات ومشكلات. ولا تفعل ذلك بجمود وعدم إيمان، بل عليك أن تكون مقتنعًا بقدرة عقلك الباطن على إعطائك الإجابات الصحيحة التي تحتاجها دون أدنى شك. إن محاورة واستشارة نفسك سوف تقودك إلى فهم أعمق لذاتك، وبوصولك إلى اللاوعي في داخلك سوف تخرج الكثير من الطاقات التي لم تتوقع وجودها سابقًا.
إن من الأمور القادرة على التحكم بعقلك الباطن هي المواهب التي تمتلكها. لا تقلل من شأن الجانب الإبداعي لديك، فإن له أثرًا كبيرًا على اللاوعي الخاص بك. يمكنك أن تنمي إبداعاتك ومواهبك، وأن تستغلها استغلالًا مفيدًا من مناحي عديدة دون أن تشعر بقدرها حتى. حتى أن سعيك في التدرب على مواهب وهوايات جديدة سوف يقوي من صلاتك بقدراتك العقلية، وبالطبع علاقتك مع عقلك الباطن.
من الطرق الأخرى التي قادرة على أن تفاجئك بمفعولها هي التأمل. حاول أن ترتدي ملابس مريحة، وأن تجد مكانًا هادئًا ولطيفًا بعيدًا عن أي ضوضاء. اجلس بوضعية صحيحة ومريحة، ومركزًا على أن يكون ظهرك مستويًا وتنفسك منتظمًا وصحيًا. وبكل سلاسة دع أفكارك تتجول لوحدها دون رقيب، وسيحدث في هذه الأثناء اتصال قوي بين عقلك وعقلك الباطن، وستجد نتيجة ذلك بالأفكار الإبداعية التي تنساب في داخل عقلك بشكلٍ مفاجئ.
لكي تضمن عملية وعلاقة صحية مع داخلك وعقلك الباطن، عليك أن تدون ما تنتجه من أفكار، ولهذا فوائد كثيرة وعديدة. اعتمد على كتابة أي فكرة تخطر لك، ولا تنتظر العودة لوعيك الكامل حتى تدونها، فأنت بذلك تحرم نفسك من الأفكار الإبداعية التي أنتجتها في فترة تأملك. بهذا أنت أيضًا تفتح المزيد من المجال كي يأخذ عقلك الباطن مساحة أكبر وفرص أخرى للتفكير بالمزيد من الأفكار المشابهة بإبداعها لما دونته في مفكرتك. وبتكرار هذه العملية بشكل يومي، ستصل قريبًا إلى الأفكار التي تحتاجها حقًا لتحقيق أهدافك التي وضعتها.
من الأمور التي من شأنها أن تميتنا من الداخل هي التشاؤم والأفكار السلبية، والتي لا تنتهي إن اعتدنا عليها. لذا عليك أن تعتاد على التفاؤل، وعلى أن تفكر بإيجابية قدر المستطاع، وأن لا تسمح لنفسك أن تسقط بقاع الإحباط واستمرار التفكير بالفشل، لأن هذه الأفكار قادرة على قتل أي أمل أو طموح نسعى إليه. ومن الطرق التي بإمكانها مساعدتك في حل هذه المشكلة هي الاعتياد على ترديد عبارات تملؤها الإيجابية والحماس والتحفيز. وتكون تلك مثل أن تذكر قدراتك، وكم أنت طموح، وأنك جاهز على بذل أي مجهود تحتاجه حتى تصل إلى مبتغاك. قد يبدو الأمر في البداية غير فعال، إلا أن اعتيادك على ذكره يوميًا قادر على تغيير الكثير في عقلك الباطن، وبالتالي سيؤثر عليك.