في النصف الأول من القرن العشرين على وجه الخصوص، تم القضاء على معظم الحيتان بسبب رياضة صيد الحيتان العصرية حتى تم حظرها في عام 1968 وتنظيمها بواسطة نظام الحصص. ولكن اليوم أيضًا، يتعرض الحوت للعديد من التهديدات، لا سيما من خلال تلوث البيئة والمياه. حتى لو استمرت جودة مياه البحر الأبيض المتوسط في التحسن في السنوات الأخيرة، إنه لا يزال بعيدًا عن كونه موطنًا لتعافي الحيتان.
تتعرض الثدييات البحرية حاليًا للتهديد من جزيئات البلاستيك الدقيقة ومخلفات الأدوية ومبيدات الآفات التي تدخل المياه من الزراعة الساحلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المستويات المتزايدة للضوضاء في المحيطات تضعف الاتصال ولذلك تضعف تكاثرها. في البحر الأبيض المتوسط، هناك أيضًا خطر خاص من العدد الكبير من العبارات العاملة بين السواحل وجزر البحر الأبيض المتوسط. كل عام، تموت حوالي 10 حيتان في اصطدامها بمثل هذه السفن.
تساهم التنمية الاقتصادية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط وتكثيف التجارة الاقتصادية بين أوروبا وآسيا أيضًا في حقيقة أن موطن الحيتان العملاقة مهددة بشكل متزايد.
استخراج النفط والغاز البحري هو عامل آخر. إلى جانب ذلك، هناك سياحة جماعية - البحر الأبيض المتوسط هو الوجهة الأكثر شعبية لقضاء العطلات في العالم، سواحل البحر الأبيض المتوسط ترحب بالمزيد من الزوار كل عام. يعتبر ازدهار السفن السياحية في السنوات الأخيرة من العوامل المساهمة.
يوماً ما كانت الحيتان تسبح في مياه البحر الأبيض المتوسط، وجاء انقراضها بأيدي البشر، وخاصة نتيجة صيدها في عهد إمبراطورية عظيمة حكمت بلدان هذا البحر.
فقد كشفت عظامٌ حيتان عاشت في البحر المتوسّط منذ نحو 2000 عام، عن أن صيد الحيتان في العصر الروماني ربما كان السبب وراء انقراض تلك الحيوانات، واليوم تكاد تنقرض من كافة أنحاء العالم
اكتشاف بقايا كل من حوت شمال الأطلسي والحوت الرمادي في مضيق جبل طارق، يؤكد الروايات التاريخية القائلة إن تلك المخلوقات كانت تعبر إلى البحر المتوسط من شمال المحيط الأطلسي لتربية صغارها، إلا أن صيد الحيتان لقرون طويلة على نحو بلغ ذروته في القرن 19 كاد يقضي على النوعين بشكل كامل في العالم كله، باستثناء مجموعات صغيرة تمكّنت من البقاء قبالة سواحل أميركا الشمالية، وفي المحيط الهادئ.
والآن، تشير اختبارات الحمض النووي التي أجريت على رفات الحيتان من موقع صيد روماني قديم، إلى أن التقاليد البشرية في صيد هذه الكائنات البحرية العملاقة على نحو أدّى إلى انقراضها، قد تكون لها جذور تاريخية أعمق مما كان معروفاً من قبل.
لم يكن لدى الرومان التكنولوجيا اللازمة لصيد أنواع الحيتان الكبيرة الموجودة حالياً بالبحر المتوسّط، والمعروفة بأنواع أعالي البحار، نسبة إلى وجودها بعيداً عن المياه الإقليمية للبلدان الساحلية، الحيتان كانت تقترب جداً من الشاطئ، مما جعلها أهدافاً مغرية للصيادين المحلّيين".
وفي حين أنه كان من الصعب، بلا شك، الإيقاع بتلك الحيتان العملاقة -حتّى تلك التي تعيش في المياه الضحلة نسبياً- يرجّح الباحثون أن الرومان كانوا يستطيعون اصطيادها باستخدام قوارب التجديف الصغيرة، والحِراب اليدوية.
يقوم الصيادون بتعقب الحيتان في كل مكان طمعاً في لحومها ودهونها وعنبرها بالذات، ولذلك تم في عام 1946 إبرام الاتفاقية الدولية لتنظيم صيد الحيتان. ومنذ ذلك الحين يتم سنويا في دولة ما من دول العالم تنظيم “المؤتمر العالمي لتنظيم صيد الحيتان”، وذلك بغرض توفير الحفظ الملائم لأنواع الحيتان النادرة وإتاحة تطوير صيد الحيتان بطريقة منظمة. ويصدر المؤتمر قائمة دورية بأنواع الحيتان التي ينبغي حمايتها حماية كاملة ويحدد مناطق معينة في العالم باعتبارها محميات للحيتان
الحيتان تلتهم الكثير من العوالق المائية المسممة جراء تسرب الزيت والبترول من السفن. لذلك يحب المحافظة على العوالق وسلامة ونقاء مياه البحر من أجل ضمان حياة الحيتان، هناك قلق كبير على مصير العوالق والحيتان بسبب تفاقم المشاكل الناتجة عن التلوث البيئي الذي تشهده المنطقة.
تنتمي الحيتان حسب التصنيف العلمي إلى شعبة الثدييات المائية، فهي حيوانات وليست أسماكاً كما يظن البعض. ويسبح الحوت قرب سطح الماء كي يتسنى له التنفس، إذ أن له رئتين وليس خياشيم كما هو الحال بالنسبة لمعظم مخلوقات البحر الأخرى. ويعيش نحو مائة نوع من الحيتان في بحار العالم ومحيطاته. بعض تلك الحيتان في الطريق إلى الانقراض نهائياً، وبعضها ما زال يكافح من أجل البقاء.