لا يوجد حالات يباح فيها القمار لأنه من أكل أموال الناس بالباطل وهو من الكبائر التي حرمها الشريعة.
ولكن اختلف العلماء في مسألة هل تعد من القمار المحرم أم لا، وهي مسألة دفع المال من طرفي المسابقة في المسابقات التي يباح فيها دفع المال.
وتوضيح ذلك:
جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) (رواه الثلاثة وصححه ابن حبان)
ومعنى هذا الحديث أنه لا يجوز دفع المال في المسابقات للغالب فيها إلا في ثلاثة أنواع من السباق وهي المسابقة على الخيل والجمال ورمي السهام، لأن هذه عدة الحرب التي يعتمد عليها في القتال فأراد الرسول حث الناس على تعلم استخدامها وركوبها ليكون المجتمع مجتمعاً قوياً جاهزاً للدفاع عن نفسه.
ويقاس على هذه المسابقات ما في معناها في زمننا مما يستفاد منه في القتال، وابن تيمية رحمه الله وسع المسألة وقاس عليها كل ما كان فيه نفع للدين ومصلحة شرعية، فيقاس عليها مسابقات حفظ القرآن والحديث ونحوها.
ودفع المال في غير هذا النوع من المسابقات يعد من القمار المحرم.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود" أن الجعل والعطاء لا يستحق إلا في سباق الخيل والإبل وما في معناهما، وفي النصل وهو الرمي وذلك أن هذه الأمور عدة في قتال العدو وفي بذل الجعل عليها ترغيب في الجهاد وتحريض عليه، وأما السباق بالطير والرجل وبالحمام وما يدخل في معناه مما ليس من عدة الحرب ولا من باب القوة على الجهاد فأخذ السبق عليه قمار محظور لا يجوز".
وجمهور العلماء قالوا إنه في المسابقات المباحة لا يجوز أن يكون دفع المال من طرفي المسابقة فقط، فإذا تسابق اثنان على الخيل فلا يجوز أن يدفعا مالاً والفائز منهما هو الذي يأخذ بل هذا من القمار المحرم عندهم.
بل المباح أن يكون الدفع من أحد المتسابقين أو من طرف خارجي، أو يكون عدد المتسابقين أكثر من اثنين وأحدهم لا يدفع مالاً وهو ما يسمونه المحلل.
واعتمدوا على حديث (من أدخل فرسا بين فرسين، يعني وهو لا يأمن أن يسبق؛ فليس بقمار. ومن أدخل فرسا بين فرسين، وقد أمن أن يسبق؛ فهو قمار) (رواه أحمد ولكن الصحيح ضعفه)
أما ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله فذهبا إلى جواز أن يكون الدفع من الطرفين المتسابقين ولا يشترط وجود محلل غيرهما، وقالا إن ذلك ليس من القمار المحرم، لأن النبي أباح أخذ المال على هذه المسابقات النافعة ولم يشترط أي شرط آخر، والحديث الذي اعتمد عليه الجمهور ضعيف.
واستدل ابن القيم بمراهنة أبي بكر الصديق لكفار قريش كما جاء عند الترمذي عن ابن عباس
:
"في قولِ اللَّهِ تعالى الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ قالَ غُلِبَت وغَلَبت كانَ المشرِكونَ يحبُّونَ أن يظْهرَ أَهلُ فارسَ على الرُّومِ لأنَّهم وإيَّاهم أَهلُ الأوثانٍ وَكانَ المسلمونَ يحبُّونَ أن يظْهرَ الرُّومُ على فارسَ لأنَّهم أَهلُ الكتابٍ فذَكروهُ لأبي بَكرٍ فذَكرَهُ أبو بَكرٍ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ أما إنَّهم سيَغلِبونَ فذَكرَهُ أبو بَكرٍ لَهم فقالوا اجعل بينَنا وبينَكَ أجلًا فإن ظَهرنا كانَ لنا كذا وَكذا وإن ظَهرتُم كانَ لَكم كذا وَكذا فجعلَ أجلًا خمسَ سنينَ فلم يظْهَروا فذَكروا ذلِكَ للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ ألا جعلتَهُ إلى دونَ.."
فأقر النبي عليه الصلاة والسلام مراهنة أبي بكر لكفار قريش ولم ينكرها عليه، لما فيها من المراغمة لهم والمصلحة الشرعية.
والله أعلم