عدد صفحاتها: أربعة وتسعين
رائحة البارود. أصوات الرصاص. ضرب المدافع. قصف الطائرات. فتنة وإرباك عام ولا يعرف من يقاتل من ولا من ضد من بسبب تعقيد خيوط الأطراف المتنازعة.
تلك هي سمات الحرب الأهلية اللبنانية التي استمر فيها نزيف الدم خمسة عشر عاما.
رواية كوابيس بيروت (وعددها خمس وستين كابوساً) ترصد فيها الكاتبة مناخات بيروت عند تفجر أزمة الحرب اللبنانية، كما ترصد أوضاع المثقفين والسياسيين والناس العاديين حيث رائحة البارود والفساد تزكم الأنوف، إذ امتزج العهر السياسي والمالي والاحتكار مع العهر الجنسي في بيئة انسانية فاسدة.
الرواية توثق مرحلة عصبية خلال الحرب الأهلية ،نمزقت فيها العلاقات البشرية، حيث التهم الحريق المدينة التي كانت ترقص على صوت موسيقى لقذائف والصواريخ.
"هذه المرة كنت خائفة حقاً... فقد وعيت للمرة الأولى أن الرصاص لا يمشي على الصراط المستقيم وإنما قد يمشي في خط متعرج كجرذ يركض من جدار إلى آخر. ووعيت أيضا أن الرصاص لا يمشي بالضرورة فوق مستوى النوافذ. وان القضية أكثر تعقيدا بكثير من المعلومات السطحية التي كنت قد جمعتها من السينما البوليسية والوايات. وأدركت أنني أواجه عدوا أجهله تماما، وبهذا الشعور البائس تمددت باستسلام.." من الكابوس رقم 12
تستخدم غادة لغة شاعرية في وصف الحياة خلال الحرب والتي تبدو في بعض الأحيان مشجعاً للقارئ للدخول في الجو العام للرواية حيث ستشعر بكامل حواسك في فظاعة الحرب في حياتك اليومية. وفي بعضها الآخر مملاً بسبب كثرة الحشو والتكرار وهذا تجده في المنتصف لكن في آخر الصفحات يتغير القالب نحو عمل أدبي رزين لا يعطي فقط صورة عن المشهد بل يثير الأسئلة كذلك حول وحشية الإنسان وكيف يتحول لتلك الرتبة.
"داخلي بين العنف واللاعنف عليّ الوصول إلى قناعة عقلية بخصوصه... ولكن، هل يمكن للعنف أن يولد من مجرد قناعة عقلية؟ أم من حاجة جسدية للدفاع عن النفس، وردة فعل عفوية لجائع أمام متخم مثلاً؟ أم كلاهما معاً؟ لا أدري. كل ما أدريه هو أن أخي يدور حولي في حالة غيظ بانتظار أن يستقر رأيي على ما سنأكله، فقد كنت قد قلت له: لن نأكل البطاطا لأنها فاسدة ولم أقل لأنها حية خوفا من سخريته.. فتحت البراد من جديد أتأمل ما خلفته جدتي.. لا شيء يذكر غير مخزون جيد من اللحوم.. ومأساتي أنني صرت عاجزة تماما عن أكل اللحوم.. لكثرة ما شاهدت من جثث مرمية في الشوارع على طول ستة الأشهر الماضية منذ استعرت الحرب الأهلية, صرت شبه قانعة بأن لحوم أسواقنا كلها هي لحوم بشرية"