هل يمكن لبعض الحكومات أن تستفيد من الترويج للفساد؟

1 إجابات
profile/بتول-المصري
بتول المصري
بكالوريوس في آداب اللغة الانجليزية (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
٢٤ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 
     هناك قاعدة سياسية يجب على الجميع أن يعلمها وهي أن حكومات هذا العصر بصفتها حكومات رأسمالية مستفيدة من كل ما يحدث بالضرورة، فإذا كان هناك ترويجًا إعلاميًا واضحًا للفساد الأخلاقي والاقتصادي فهذا يصب في مصلحتها، فمثلًا فتح المجال أمام الأطفال والقواصر لاستخدام تطبيقات من الممكن أن توقعهم في جرائم أخلاقية فهذا بالتأكيد لدعم هذه التطبيقات والترويج لمحتوياتها دون الالتفات لمدى تأثيرها على تربيتهم وتوجهاتهم. 
هذا الترويج لا يقتصر على الفساد بل على تعزيز مفهوم أن المجتمع فاسد، وهذا يزعزع ثقة أفراد المجتمع ببعض وبحكوماتهم، وهيئات مكافحة الفساد بأشكالها.


     "الفساد في معاجم اللغة هو في (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. التعريف العام لمفهوم الفساد عربياً بأنه اللهو واللعب وأخذ المال ظلماً من دون وجه حق، مما يجعل تلك التعابير المتعددة عن مفهوم الفساد، توجه المصطلح نحو إفراز معنى يناقض المدلول السلبي للفساد، فهو ضد الجد القائم على فعل الائتمان على ما هو تحت اليد (القدرة والتصرف).


     يعرف معجم أوكسفورد الإنكليزي الفساد بانه "انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة". وقد يعنى الفساد : التلف إذا ارتبط المعنى بسلعة ما وهو لفظ شامل لكافة النواحى السلبية في الحياة.


و يصبح الفساد بمفهومه العام هو التغير من الحالة المثالية إلى حالة دون الحالة المثالية. و الكمال لله عز وجل. بمعنى التغير للأسوأ. و يكون هنا ضد الإحسان وضد التحول أو التغير إلى الحالة المثالية."


     الفساد مؤولية فردية ومجتمعية وسلطوية، وهو من أهم الأسباب التي تهلك المجتمعات وترجعها سنينًا ضوئية ومن أهم ما قاله يوري فيدوتوف، المدير التنفيذي للUNODC بهذا الخصوص "فالفساد يؤثر في كل واحد منا: ذلك أنَّ رعايتنا الصحية تتأثر عندما تُسرق الأموال المخصصة لشراء المعدات الطبية؛ وتتضرر أنظمتنا التعليمية عندما تُستنـزف الميزانيات المدرسية على نحو مخالف للقانون؛ وتتقوض مؤسساتنا السياسية عندما تُدفع الرشاوى وتُلتمس.


     وقد وضعت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 المفضية إلى التحول، التي التزم بها العالم في العام الماضي، الجهود المبذولة لمكافحة الفساد في سياقها الصحيح، ومنحتنا منظوراً جديداً. ذلك أنَّ منع الفساد ومكافحته استثمار أساسي في البنى التحتية التي يتعين علينا إرساؤها لتحقيق أهداف خطة التنمية لعام 2030. والتحدي الذي نواجهه إنما هو إرساء وتدعيم مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات.
ولذا فإنَّ المهمة الماثلة أمامنا هي وضع معيار جديد لا يُعتبر الفساد بموجبه جزءاً من الحياة أو جزءاً من ممارسة الأعمال التجارية ولا يُنظر بمقتضاه إلى الإفلات من العقاب باعتباره أمراً مقبولاً.


     لكن ما الذي يمكننا القيام به لتحقيق ذلك؟

     في العام الماضي، اجتمع أبرز صانعي السياسات والممارسين الذين يتعاملون مع منع الجريمة والعدالة الجنائية في العالم في الدوحة لحضور مؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية. واعتمد أكثر من 000 5 شخص من جميع أنحاء العالم إعلان الدوحة، وهو التزام جليل وقوي من حكومات العالم بالترويج لمجتمعات مسالمة وخالية من الفساد وشاملة للجميع لأنها تُعتبر أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
واتخذ مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدِّرات والجريمة، مجموعة من الإجراءات الملموسة لمساعدة البلدان على بناء المؤسسات ووضع التدابير اللازمة لتنفيذ إعلان الدوحة، ومن ثمَّ منع ومكافحة الجريمة، بما فيها الفساد."