إن أهم صفة من صفات القرآن الكريم أنه معجز، وصور الإعجاز فيه تشمل جميع أنواع الإعجاز: ففيه أعجاز بياني، وفيه إعجاز علمي، وفيه إعجاز غيبي، وفيه إعجاز كوني، وفيه إعجاز تشريعي، وفيه إعجاز طبي، وفيه إعجاز نباتي، وفيه إعجاز عددي.
- وليس ورود أي شيء في القرآن الكريم مجرد صدفة، وحاشا لله تعالى أن يورد شيء مجرد صدفة، إنما لكل سورة وآية وكلمة وحرف في القرآن الكريم لها مدلولاتها، فالقرآن الكريم ليس فيه تكرار ولا ترادف ولا زيادة!
- ولنأخذ مثالاً على الإعجاز العددي في سورة الفاتحة، والتي عدد آياتها سبع آيات ولنرى سر الإعجاز في الرقم سبعة فيها:
أولاً: قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) سورة الحجر: 87
ثانياً: وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) [رواه البخاري].
ثالثاً: أن عدد آيات السورة سبع آيات باعتبار البسملة آية من السورة على رأي مذهبي الشافعية والحنابلة ودليلهم ما رواه البخاري عن قتادة قال سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أنس: كانت قراءته مدا، ثم قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين.... السورة) يمد بسم الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم.
رابعاً: ولو رجعنا إلى الرقم (7) لوجدناه متكرراً كثيراً في القرآن الكريم وفي السنة النبوية مثل (سبع سموات، وسبع أراضين، والطواف حول البيت سبع، والسعي بين الصفا والمروة سبع، وعدد أيام الأسبوع سبع)
خامساً: إن عدد كلمات سورة الفاتحة وهي أول سورة في القرآن الكريم = 29 كلمة
وعدد كلمات آخر سورة (الناس) = 20 كلمة
فلو جمعنا عدد كلمات السورتين = 49 كلمة - وهي من مضاعفات الرقم (7)!!
-ولنأخذ مثالاً آخر على الإعجاز العددي سورة القدر وبيان ليلة القدر:
- فعدد كلمات ليلة القدر ثلاثون آية وكلمة (هي) في قوله تعالى (سلام هي حتى مطلع الفجر) رقمها في السورة (سبع وعشرن) ليعطينا دلالة أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، وهذا ما أكده بعض الصحابة الكرام رضي الله عنه وهو أُبَيٌّ بن كعب في قوله: "وَاللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، يَحْلِفُ ما يَسْتَثْنِي، وَوَاللَّهِ إنِّي لأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هي، هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا بهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بقِيَامِهَا، هي لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَومِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا" أخرجه مسلم.
- ولا شك أن الإعجاز البياني هو أهم إعجاز في القرآن الكريم - فالقرآن نزل بلغة العرب وهي اللغة العربية - ومع ذلك أعجزهم هذا القرآن الكريم أن يأتوا بمثله بل تحداهم الله تعالى أن يأتوا بآية من مثله!!!
- مع أننا لا تغفل جوانب الإعجاز الأخرى - وخاصة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم - والذي بيّنت كثير من الدراسات والاكتشافات العلمية في زماننا تحقيق المراد القرآني من هذا الإعجاز - كذلك الإعجاز الغيبي، والعددي.
- ومن فوائد دراسة الإعجاز في القرآن الكريم أنه يزيد الإيمان بعظمة الخالق سبحانه وتعالى، ويبين لنا أن القرآن صالح لكل زمان ومكان، وأنه مهما حصلنا على علوم جديدة فإن القرآن الكريم قد تحدث عنها قبل 1440 عام! كما يبين لنا أن هذا القرآن الكريم من عند الله تعالى وأنه قد أعجز الثقلين (الإنس والجن) على أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.