القبول في الزواج يعني شعور كلا الطرفين بالارتياح للارتباط بالآخر، وأنه سيكون سعيداً إذا قضى معه باقي عمره.
وجميعنا متفقون أن الدين والخلق هما الأساس الذي يبنى عليه اختيار الزوج أو الزوجة، ولكن هناك معايير أخرى لا بد منها لزواج ناجح مستقر من أهمها القبول والارتياح النفسي، فالأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف،
وعليه فإن عدم وجود القبول والارتياح بين الطرفين سببٌ معتبرٌ شرعاً في عدم الموافقة على الزواج،
كما يؤكد الدكتور "أحمد وسام" أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حيث
يقول:
(( أن فسخ الخطوبة بسبب عدم التوافق أو الارتياح النفسي جائز شرعاً، ولهذا شرعت الخطبة وليس فيه ظلم لأي من الخطيبين حتى ولو جمع كل الصفات الحسنة )) لأن عدم وجود القبول والارتياح من البداية له مفاسد وأضرار جمّة على استقرار ودوام الزواج، وسعادة الزوجين، وحتى على الأبناء مستقبلاً .
وهذا القبول يأتي من طريق الرؤية الشرعية في غير خلوة، كالنظر من بعيد أو في وجود الولي، حيث تتآلف الأرواح،
فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم له لما خطب: " فانظر إليها , فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " (رواه الترمذي) أي أدعى أن تحدث المودة بينكما وتدوم.
و عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ " قَالَ جابر: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا. ( أخرجه أبو داود)
وفي حديث أبي هريرة قال " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج بإمرأة من الأنصار, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنظرت إليها؟ " قال: لا, قال: " فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً " ( أخرجه مسلم)
وكما يقول الدكتور جاسم المطوع المختص بالاستشارات الأسرية:
" عدم الارتياح القلبي للخاطب، ورفضه من دون أسباب حقيقية سوى لشعورٍ في النفس وانقباضٍ في القلب أمرٌ يجب أن لا يتجاهل بل يؤخذ بعين الاعتبار" ومن مخاطر عدم القبول النفسي في الزواج: 1 - زيادة المشاكل بين الزوجين في كل صغيرة وكبيرة.
2 - ندرة التعبير عن المشاعر، وإهمال الزوجين لبعضهما، وعدم أدائهما الحقوق الشرعية لبعضهما، فيفقدا بالتدريج تماسك الكيان الأسري .
3 - تجنب الكلام والحوار والنقاشات بينهما حتى فيما يتعلق بالأسرة والأبناء مما يزيد الحاجز بينهما .
4 - شعور كل منهما بالاحباط والاكتئاب
5 - نشأة الأطفال في أجواء ونفسية وتربوية صعبة وسيئة جداً، مما يجعلهم يعانون من الاضطرابات النفسية لما يسشعرونه من نفور والديهما من بعضهما .
ولا يجب الاعتقاد أن الامور تتحسن بعد الزواج، وأن القبول والارتياح سيكون بعد الزواج، لأن هذا مجرد ظن ولا تُينى العلاقات الأسرية على الظنون غير الغالبة!