سأُجيب الجزء الأوّل من سؤالك فقط وأعدك أن تعرف جوابًا يُشفي الجزء الأهم من هذا الجدل الذي لا ينتهي.
طبعًا إنّ أكثر ما يُثير اشمئزازي في هذا الجدل هو إصرار طرح هذا البحث على كلّ طاولة نقاش ثقافيّة عندما تنطق المرأة للمُطالبة بحقوقٍ إنسانيّة بديهيّة، فيبدأ النّقاش بالحديث عن حقوقها وينتهي بالحديث عن الاختلافات في القدرات الإدراكية والذّكاء بينها وبين الرّجل، ويتحجّج البعض بأنّ هذا النمط من البحث العلميّ مهم لعلاج الكثير من الأمراض النّفسيّة والجسديّة لكن تلك حُجّة ينبغي أن نجدها في الأوساط الطّبيّة فقط، نحن هنا نسأل عن انتشار هذه الأبحاث(أبحاث تُعنى بإيجاد فروقات بين الجنسين) بين أشخاص لا علاقة لهم بها ويطرحونها في نقاشات ثقافية واجتماعيّة بدون موضوعيّة ولا حتّى التفات لظروف الدّراسات وملاحظات الباحثين، فيختزلون هذه الأبحاث بما يدعم أيدولوجيّاتهم ومُعتقداتهم فقط.
عن الفروقات؛
بالتّأكيد هناك فروقات جسديّة واضحة للعين؛ فروقات الجهاز التّناسليّ مثلًا، أمّا عن وجود فروقات دماغيّة (قدرات عقليّة) دعني أوضّح لك أنّ هذا الجدل في الوسط العلمي والطّبيّ غير محسوم، ومن يتناقلون هذه الدّراسات بشكلٍ سطحيّ لإثبات الفروقات لا يعرفون الكثير عن مدى تعقُّد النتائج الإحصائيّة لتلك الدراسات، وهو أمرٌ غاية في التّشابك فيتجاهلون شروطًا عديدة، وتحذيرات طويلة، ومعايير جانبية كثيرة، يدرجها الباحث في بحثه، وكل هذا ليدعم رأي أحد الجنسين في انتقاص القدرات الذّهنيّة للجنس الآخر.
شيءٌ أخير، لا تسمح لمثل هذا الجدل الذي لم يحسمه العلم حتّى بالسّيطرة على نقاش اجتماعيّ يخص حقوقًا وحريّات، فأنت بهذا تبحث عن إيجاد مُبرّرات لما قد يبدر منك من انتقاص في حقّ بشر آخرين فقط لوجود فروقات ليست مؤكّدة، إذا كُنت مؤمنًا فدينك يحدّد لك قناعاتك بفروقات شرعيّة بين الرّجل والمرأة، ولك الحق الكامل في ملاحقة هذه القناعات ما لم ينتج عنها أذيّة أو تمادي على حقوق النّاس.