هل انتهت الموجة الأولى لتبدأ الموجة الأخرى؟ ما هي المؤشرات التي تدل على انتهاء أو ابتداء موجات الفيروس؟ حتى نعرف أننا وصلنا لانتهاء الموجة الأولى، علينا الوصول للذروة، ثم يتبعها انخفاض واضح وشديد. ولحدوث الموجة الثانية يجب الوصول لارتفاع جديد يهيمن لفترة، ويصل للذروة والقمة يتبعها بالطبع انخفاض جديد. ومع المعلومات والأبحاث الحالية، لم يتضح حتى انتهاء الموجة الأولى.
كان لوباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 تأثيرات ضخمة اجتاحت العالم، فوصل عدد الموجات لثلاث موجات متتالية، وكان التأثير مرعبًا بسبب الحرب العالمية الأولى. كانت الموجة الأولى سيئة كما الإنفلونزا الموسمية العادية، أما الموجة الثانية فكانت الأكثر رُعبًا وقتلًا، بسبب الطفرات التي حدثت، وفتكت بالجموع. قال كينيث ديفيس، مؤلف كتاب "أكثر دموية من الحرب: التاريخ الخفي للإنفلونزا الإسبانية والحرب العالمية الأولى:
" إن الموجة الثانية تباطأت في نهاية نوفمبر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للتباعد الاجتماعي. عندما هدأت تلك الموجة، بدأت موجة ثالثة في شتاء وربيع عام 1919" من الملاحظ أنّ حدة الموجة الثالثة أقل من الثانية، بسبب تطوير المناعة لدى الجموع، وقلة الإصابة بالفيروس. قال ج. ألكسندر نافارو، مساعد مدير مركز تاريخ الطب في جامعة ميشيغان،:
"إن التراجع في معدل الوفيات بعد الموجة الثانية ربما يرجع جزئيًا إلى انخفاض عدد الأشخاص الذين لم يصابوا بالفعل. عندما تنتشر العدوى بين السكان بشكل كافٍ ، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إبطاء الانتشار الإضافي بسبب مناعة القطيع". أما بالنسبةلوباء كورونا فعلينا النظر للأمر من جانبين: الجانب الإيجابي الذي يُبشّر أن فيروس كورونا مستقر أكثر من فيروس الإنفلونزا الإسبانية، فمن الممكن أن لا يتحوّر بالشكل الفتّاك الذي كان عليه فيروس الإنفلونزا. فالبروتين المرتبط بمهاجمة الخلايا البشرية الخاص بفيروس كورونا يقاوم الطفرات. ككما أنّ اللماء يعرفون الكثير عن الفيروسات، وكيفية التعامل معها، كما يمكن العمل على صناعة لقاحات وتطعيمات و أدوية ـكثر فاعليّة. لكن على الجانب السلبي، ليس لفيروس كورونا موسم محدد يتفاقم به، عكس فيروس الإنفلونزا. مما يدل أن أنماط كلا الفيروسين مختلف. كما أن عدد سكان العالم اليوم أكبر مما في عام 1918، مع فرصة كبيرة لانتشار الفيروسات من خلال تنقلات السكان بجميع وسائل النقل المتاحة. وللوصول لمناعة القطيع، يجب أن تكون النسبة المئوية للسكان المطلوب الوصول إلى مناعة القطيع حوالي 65٪ اليوم ، مقارنة بحوالي 35٪ في عام 1918.
إنّ السلوك البشري هو العامل الأساسي لتحديد هل سنحصل على موجة جديدة أم لا؟. كما أن إجراءات السلامة العامة التي تفرضها الدول، ومدى إلزاميتها عامل آخر لتقليل عدد الإصابات، أو حتى حدوث موجة جديدة. لذلك أثناء انتظار علاج حقيقي أو لقاح، فإن الطريقة الوحيدة لتجنب الوباء متزايد الشدة هي إدارة تداول الفيروس بمستوى مقبول، باستخدام فحص واسع النطاق وسريع ورصد المخالطين، فضلاً عن احترام تدابير التباعد الاجتماعي. ليس من السهل الالتزام بذلك، لكنه خيارنا الوحيد للأشهر القادمة. فليس علينا الوصول لمناعة القطيع، حتى نكسر سلسلة موجات المرض.
المراجع:
https://khn.org/news/fact-check-is-a-second-wave-of-coronavirus-coming/ https://www.hopkinsmedicine.org/health/conditions-and-diseases/coronavirus/first-and-second-waves-of-coronavirus https://theconversation.com/how-worried-should-we-be-about-the-coronavirus-resurgence-in-europe-three-experts-weigh-in-143858