بالطبع هناك الكثير للحديث عنه حول هذا الموضوع. ربما أصبح هذا الهوس منتشرًا كالوباء، ولا شك في أن الأمر يعود لما تحمله منصات السوشيال ميديا من مزايا تجعل الإدمان عليها أمرًا سهلًا. سرعة انتقال الأخبار، رؤوس أقلام مفيدة مختصرة، من أسهل الطرق للحديث بلا قيود، والاختفاء وراء الأقنعة الافتراضية.
لكن هل كنت تدري عن تلك الفتاة التي أقدمت على الإنتحار في بريطانيا لأنها لم تجد تفاعلًا كما كانت تتوقع على أحد الأمور التي نشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي؟ إن من أفضل المساعدات التي أستطيع تقديمها لك هي ترهيبك من الوصول إلى هذه المرحلة. لربما أنك لا تشعر بإنك من المستحيل أن تقدم على هكذا خطوة، إلا أن أحدًا منا لا يعرف ما نقدم عليه فجأة بلا وعيٍ أو أي تخطيط مسبق منا.
إن هوسنا بالكمال في بعض الأحيان هو الذي يجعلنا نبحث عن أي إطراء من المستخدمين على المنصات الإلكترونية لصورة لنا قمنا بنشرها مؤخرًا، أو لعبارة ابتدعناها على عجل. كل ذلك لا ينتهي على خير ما يرام، بل على العكس. لن نستطيع يومًا أن نكون مثاليين، لذا سعينا وراء أمرٍ كهذا دون الرجوع للمنطق من شأنه أن يسبب لنا مشكلات نفسية كالاكتئاب والتوتر والقلق.
عليك أن تسأل نفسك إن كنت جاهزًا لهذا الأمر، وإن كنت مستعدًا لكل تلك المشكلات التي ستنهال على نفسك وتهلكها. ثم وبعد أن تقتنع في داخلك حق الاقتناع أنك ترفض هذا الهوس، وأنه خاطئ، وأنه أكبر من عادة غير مناسبة عليك فقط التخلص منها. بعد كل ذلك تأتي مرحلة ملئ الفراغ التي عليك أن تلجأ إليها لتلهيك عن العودة للعبث على وسائل التواصل الاجتماعي.
عليك أن تحدد في بادئ الأمر إن كانت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من عملك أو دراستك. فإن كانت كذلك فعليك أن تعمل على تقليل الساعات التي تقضيها على هذه المواقع، وتحدد وقت لساعات العمل لا أكثر، وإلا فأنا أنصحك بأن تنقطع عنها نهائيًا.
توقف في البداية عن متابعة أو مصادقة الأشخاص الذين لا تملك وإياهم علاقة حقيقية على أرض الواقع. هذه ستكون الخطوة الأولى لتخفيض الوقت الضائع أمام الشاشات. ولا تنسى أن التخلص من الهوس أمرٌ يحتاج قوة وعزيمة.
تاليًا عليك تحديد الإشعارات التي ترغب في أن تصلك، واحرص على أن تقللها قدر المستطاع وبلا تردد، تذكر أنك تحتاج أن تتوقف. لكن في المقابل لا تعبث بإشعارات البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل والوظائف وما إلى ذلك من الأمور التي تستحق وقتك الثمين. بهذا فأنت تعود لإعطاء الأهمية للأمور الأكثر واقعية وعملية.
هنالك الكثير من الأمور التي عليك أن توليها الأهمية، منها سلامك الداخلي الذي يوجد أبعد ما يكون عن مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت ملوثة اليوم. أخرج وقوي علاقاتك وجهًا لوجه. ضع مخططًا يحوي تحديًا يمنعك من نشر يومياتك وصور لقاءاتك مع أصدقائك على الملأ. كن قويًا واسع جاهدًا أن تلتزم بالتحدي الذي ستختاره لنفسك. فقط هكذا أنت تصبح حرًا من سجن آراء الناس وظنونهم وأخبارهم التي طغت عليها التلفيق.