لا لم يطلب النبي صلى الله عليه وسلم بأن يدفن في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها ,
ولم يوصي في هذا، ولكن تم ذلك لعلم الصحابة رضوان الله عليهم بأن الأنبياء يدفنون في أماكن موتاهم فأتفق رأيهم على دفنه في حجرة السيدة عائشة خوفا من غلو الناس وإفراطهم فيه فتم دفنه عليه الصلاة والسلام في بيت عائشة رضي الله عنها .
- وقد روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحول عن مكانه، يدفن من حيث يموت، فنحوا فراشه فحفروا له موضع فراشه) أخرجه الترمذي.
- ومن الأدلة أيضًا الرؤية التي رأتها عائشة رضي الله عنها والتي أخبرت بها والدها بأنها رأت ثلاثة أقمار يقعون في حجرتها، وأول هذه الأقمار هو النبي صلى الله عليه وسلم وبعده أبا بكر الصديق رضي الله عنه، والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- وأيضًا من الأسباب التي دفعتهم لدفن النبي صلى الله عليه وسلم حيث توفي هو تذكرهم لقوله أن النبي يقبض في أحب الأماكن إليه وقد تحقق ذلك، فحجرة السيدة عائشة رضي الله عنها من أحب الأماكن إالى النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجته عائشة رضي الله عنها من أحب الناس إليه "عن عمرو بن العاص رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: أي الناس أحب إليك فقال: عائشة" رواه البخاري
- وفاة النبي صلى الله عليه وسلم:
بعد أن أدى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم رسالته وحج حُجته التي تعرف بِ"حجة الوداع" مرض مرضه الذي توفي فيه، وخطب خطبته الأخيرة التي أوصى فيها بالصلاة وأهل بيته وبالنساء، ثم عاد إلى حجرة عائشة رضي الله عنها وأخذ يردد: "بل الرفيق الأعلى"، وقد دخل عليه جبريل عليه السلام يخيره بين الحياة والخلود أو لقاء الله تعالى، فما زال يردد كلمته " بل الرفيق الأعلى" حتى فاضت روحه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إلى خالقه.
- وقد تأخر دفن الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام لأسباب منها:
1. عدم تصديق بعض الناس خبر وفاة رسول الله وصدمتهم من هذا الخبر.
2. بحث الصحابة رضوان الله عليهم عمن ينوب عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكي لا تكون وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سبب في حصول فتنة أو تشتت بين المسلمين.
3. انتظار جموع المسلمين من خارج المدينة حتى يحضروا جنازة النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه.
- ومع أنهم انتظروا ثلاثة أيام إلا أن جسد النبي صلى الله عليه وسلم لم يتحلل، فهو يختلف عن سائر البشر وهذا ما طمأن الصحابة رضوان الله عليهم عن موضوع تأخير دفنه صلوات الله وسلامه عليه.
- وقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم مكان البيقع لدفن من يموت من الصحابة فيه ،ورتّب أجوراً عظيمة على من دُفن فيها :
ومن الأدلة على ذلك :
1- فعن عُبيدالله بن أبي رافع قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتاد لأصحابه مقبرةً يُدفَنون فيها، فكان قد جاء نواحي المدينة وأطرافها، قال: ثم قال: ((أُمِرت بهذا الموضع))؛ يعني البقيع، وكان يقال له: بقيع الخَبْخَبة، وكان أكثر نباته الغَرْقَد، وبه نِجالٌ كثيرة، والنَّجْل: النَّز وأَثْل وطَرْفاء، وبه بَعوضٌ كالدُّخَان إذا أمسوا، فكان أول مَن قُبِر هناك عثمان بن مَظْعون، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حَجرًا عند رأسه، وقال: ((هذا فَرَطُنا))، فكان إذا مات الميت بعده قيل: يا رسول الله، أين ندفنه؟ فيقول رسول الله: ((عند فَرَطِنا عثمان بن مظعون))؛ (الطبقات الكبرى: 3 / 397).
2- كان صلى الله عليه وسلم يتعهَّد أهل البقيع بالزيارة، ويدعو لهم كثيرًا، فأي شرف وفضل لهم؟ وهي فضيلة منيفة لأهل بقيع المدينة، مِن صاحب الدعوة المستجابة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم.
• عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم - يخرُجُ مِن آخر الليل إلى البقيع، فيقول: ((السلام عليكم دارَ قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدًا، مؤجلون، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد))؛ صحيح مسلم 2/ 669.