لقد فرضت ازمة كورونا على العالم أجمع تغيرات على كافة الاصعدة; الصحية, الاجتماعية, التعليم, الاقتصاد, التجارة وغيرها من القطاعات. ومن أبزر القطاعات التي تأثرت بشكل جذري قطاع التعليم, فرضت الازمة على العالم كافة استخدام التعلم عن بعد بشكل او بآخر , اما بشكل كلي او جزئي.
صحيح أن كثيراً من جامعات العالم كانت تستخدم هذا النوع من التعليم ولكن ليس بهذا الشكل وليس بشكل محتم, فبعضها كانت تستخدم التعليم المدمج, أي أن جزءاً من المواد تدرس عن بعد وغالباً لا تكون مواد التخصص او مواداً عملية بل متطلبات الجامعة وما شابهها, فيوفر ذلك على الطالب جهداً يبذله لمواد التخصص, ولكن في ظل الازمة التي نعيشها حبذت بعض الجامعات هذا النظام وربما تنوي على اعتماد جزء كبير من التعليم بهذه الصورة .
وفي مقال د. عبدالله بن عبدالعزيز الموسى - مدير الجامعة السعودية الإلكترونية سابقًا في احدى المواقع المعتمدة يطرح سيناريوهات حول التعليم التقليدي والالكتروني في المستقبل فيطرح الخيارات التالية :
" الخيار الأول: ربما تعود بعض الدول والمؤسسات والجامعات إلى التعليم التقليدي بدون أي تعديل، والسبب في ذلك راجع إلى عدم وجود بنية تحتية تقنية وكذلك عدم قدرة تلك الدول على توفير الإنترنت للمجتمع، كالدول النامية.
الخيار الثاني: ستعود بعض المؤسسات التعليمية إلى الاستفادة من التعليم عن بعد على نحو جزئي، بوضع 30 % أو 50 % من المنهج تعليم عن بعد أو جعل بعض مواد الإعداد العام مثلاً في الجامعات أو المواد التي لا تحتاج إلى تطبيق ميداني وعملي عن بعد، ونجاح هذا التوجه مرهون بوجود بنية تقنية جيدة لدى تلك الدول.
الخيار الثالث: سوف تتخبط بعض الدول والمؤسسات، وتسير بدون ضوابط، وفي النهاية ستقع تلك المؤسسات التعليمية في مشكلة التقويم والجودة.
الخيار الرابع: سيكون هناك نمو كبير للتعليم المدمج وخاصة في التعليم العالي، ومن المتوقع أن معظم الجامعات في الدول المتقدمة سوف تتخذ هذا النوع من التعليم, وهذا أيضاً مرهون بوضع الضوابط والتقويم والامتحانات والجودة.
الخيار الخامس: يرى بعض المسؤولين في بعض الدول أن مرحلة تطبيق التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد التطبيق ينبغي أن تتم وفق مراحل متدرجة، حيث يتم التريث في التطبيق في التعليم العام وبخاصة المرحلة الابتدائية والمتوسطة، ويكون في فترة انتقالية في المرحلة الثانوية. أما في المرحلة الحالية فيقتصر التطبيق على التعليم العالي (الجامعي) وفق الضوابط المعلنة."
إذن لا يمكننا الحكم بشكل قطعي اذا ما كانت المجتمعات ستتمكن من التخلي عن التعليم الجامعي, ولكن أرى أنه لن يندثر بل ستعول أغلب الدول على التعلم المدمج , لأن مساوئ التعلم عن بعد لا تقل عن ايجابياته, ولا شيء يغني اطلاقاً عن اللقاءات الماشرة في التعليم, بيد أن ذلك سيتسبب بأزمة شخصية عند الطلاب الذي لا يتلقون تعليماً تقليدياً بسبب عدم اندماجهم بالمجتمع كغيرهم في هذه الفترة المهمة في شخصية الفرد ..