نعم، قد تكون الهجرة سبب في فقدان الفرد مواطنته، فالمواطنة تشير لعلاقة الفرد القانونية بالدولة، فالأفراد في العالم مواطنين قانونين في الدولة بما يخولهم ببعض الامتيازات والحقوق، ومن جهة أخرى يفرض عليهم واجبات معينة من حيث ما تتوقعه الدولة من حقوق، ومع الهجرة يفقد الفرد حقوقه وتغيب واجباته ضمن مفهوم المواطنة.
ومن جهة أخرى تشير المواطنة لشعور الفرد بالانتماء، وفي حال الهجرة قد نجد أن مفهوم الانتماء بدأ بالضعف لدى الأفراد، نتيجة توقف العطاء والتخلي عن الهوية الوطنية، حيث يقوم الانتماء وبشكل أساسي على العطاء والاعتزاز بالهوية
والهجرة سبب في إضعاف المرجع الأخلاقي المشترك ضمن المواطنة وإضعاف الشعور بالانتماء الجغرافي، حيث تعمل الهجرة على تغيير المرجعيات الثقافية والأخلاقية نتيجة التعامل مع ثقافة جديدة لابد من اكتساب معايرها والعمل بها.
تتضمن المواطنة أربعة جوانب: سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، والهجرة تؤثر على هذه الأبعاد بشكل سلبي مما يعني التخلي عن المواطنة؛ ففي البعد السياسي يفقد الفرد حقوقه وواجباته ويفقد توجهاته الديمقراطية والمهارات التشاركية، وفي البعد الاجتماعي؛ يفقد الفرد السلوك الاجتماعي المرتبط بالمواطنه الذي يتضمن الولاء والتضامن، والتخلي عن بعض القيم التي كانت تشكل أساس في بناء العلاقات التي تتسق مع المجتمع. وفي البعد الثقافي، قد يتخلى الفرد عن معرفة التراث الثقافي له والتاريخ لضعف الولاء والانتماء، وقد يتأثر هذا الجانب أيضًا من ناحية المهارات الأساسية والتي تشمل الكفاءة اللغوية قراءة وكتابة، فالهجرة قد تكون سبب في طمس الهوية اللغوية التي هي جزء من مواطنته. وفي الجانب الاقتصادي، وهنا نجد أن الهجرة أفقدت الفرد دوره في البناء الاقتصادي ضمن مواطنته.
ومن وجهة نظر شخصية أرى أن الهجرة تكون سبب في تخلي الفرد عن مواطنته وفقدانه دور ممارسة فعال في المجتمع الأم له, وكسب مواطنه جديدة تحقق ممارسات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية في المجتمع الجديد، ومن خلال النظر للمواطنة على أنها مستندة على الديمقراطية والتعددية واحترام كرامة الإنسان وسيادة القانون، فإن الهجرة تقف كمانع بينها وبين الفرد للتمتع بهذه المبادئ في مجتمعه الأم إلا أنه قد يطورها لتكون ضمن المجتمع الجديد في بلد الهجرة.