هل تعتقد بأن الإنسان البدائي استخدم الكيمياء في حياته؟

العصور الكيميائية

منذ أن اكتشف الإنسان النار و تعلم السيطرة و الحفاظ عليها، أصبح الإنسان كيميائياً بطبعه يحرق و يصهر و يبلور عدا أنه أصبح يجيد الطبخ،

فمن النحاس و الحديد و القصدير تشكلت حضارات عصور سميت بأسماء هذه العناصر و المركبات الكيميائية،

نعم لقد كانت النار أول رد فعل كيميائي عرفته البشرية،
و أثرت بدورها على نمط الحياة اليومي المتبع في تلك العصور فأصبح الإنسان يحول بالنار ما يراه مناسباً لحاجته فتعلم صناعة الفخار و الطوب،
و أصبح يصهر المعدن ليشكل أسلحة و أدوات تُعينه على الحياة المجردة التي كان يعيشها.
و لكن و حتى وقت متأخر من العالم القديم لم يكن الإنسان يعرف عن الكيمياء سواء أربعة عناصر يتكون منها الكون كله، الهواء و الماء و التراب و النار.

عمل جماعي

لم يستطع علماء التاريخ نسب بداية الكيمياء إلى حضارة دون أخرى،
فنجد أن الفراعنة و الصينيين برعوا في علوم التصنيع و التعدين،
 فمن الخزف إلى طلاء جدران المعابد و الأهرام و من تصفية و تنقية الذهب إلى صناعة العطور و مواد التجميل،
 و إلى جانب آخر و هو الكيمياء الدوائية فقد صنع الفراعنة مواد من الرصاص لمعالجة بعض أمراض العيون و أصبحت فيما بعد كحلاً لتجميل عيني كليوباترا،
 عدا عن براعتهم في التحنيط و ابتكار مواد حفظت تاريخهم إلى الأبد.

لكن و كما الشرارة التي أعلنت أن الإنسان ابتدأ رحلته مع الكيمياء فقد كان العرب المسلمين الشرارة التي أسست هذا العلم و جعلت له قواعد و أصول تستعمل إلى يومنا هذا كالتقطير مثلاً،
 هذا الاكتشاف الرهيب الذي مهد لاستخلاص الزيوت و بالتالي تطور عظيم في صناعة العطور و الدواء.

صنعة جابر

هكذا كانت تسمى الكيمياء في ذروة ازدهار العصور الإسلامية امتداداً لبداية الحضارة الأوروبية،
كان هذا العلم بسيطاً يتمنى متعلميه تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب خالص إلى أن أتى جابر بن حيان العالم العربي و أعلنها قائلاً :

" و مِلاكُ كمال هذه الصنعة العملُ و التجربة فمن لم يعمل و من لا يجرب لم يظفر بشيء أبداً "
و بهذه الكلمات أسس جابر صنعته و كل صنعة و علم تطبيقي سيأتي من بعده،
بعد مدة من الزمن تم تسمية هذا العلم بالكيمياء و لكن التسمية لم تبتعد كثيراً عن مقولة جابر؛
حيث أننا لو قرأنا مصطلح الكيمياء بالإنجليزية مقسماً،  Chem _is_ try
الكيمياء هي تجارب و  محاولات مبنية على أسس علمية
رهيب! هذا ما تحدث عنه جابر بن حيان، 
يجب أن تعمل و تجرب لتصل للكيمياء الحقيقية و لتصل لما تريد أيضاً.
هل يمكننا فعل ذلك حقاً؟ 

نعم ما كان مستحيلاً أصبح حقيقة، لطالما شاهدنا و سمعنا عن حجر الفلاسفة سواء بالافلام أو الروايات الخيالية أنه بمقدور هذا الحجر المعجزة تحويل المعدن إلى ذهب خالص، 

و مع كل ما شهدته الكيمياء من تطور خلال قرون عديدة أصبح بمقدور العلماء تحقيق المستحيل من خلال تسريع نيوترونات  لتحصل طاقة عالية كافية و قذفها لتكوين اصطدام بذرات الرصاص و تتحول بعدها لذهب خالص. 

و لكن العملية ليست بهذه البساطة فهي عملية مكلفة جداً حيث أنه يلزم للحصول على أونصة من الذهب أي حوالي 28 غرام،
فالتكلفةُ التقديرية هي ألف ترليون دولار أي 1 وبجانبه خمسة عشرة صفراً 

وإذا علمت أن سعر الأونصة عندما تم عمل التجربة قبل قرابة 30 سنة يساوي 560 دولاراً فقط، و بالتالي فإنه من غير المُجدي اقتصادياً تصنيع الذهب بهذه الطريقة لكن الحلم القديم قد تحقق. 
و ما زالت الكيمياء في تطور منذ تلك الشرارة الأولى واصلت مسيرها الشرارة العربية، شعلة علم تحملها حضارة و تسلمها للحضارات القادمة بعدها لتزداد سطوعاً و اتساعاً .