ليس هناك خبر صحيح في مسألة زواج نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام من بلقيس ملكة سبأ ، ولم يتعرض القران لذلك إثباتا ولا نفيا ، ولا جاء في السنة الصحيحة خبر عن ذلك ، وكل ما هو مذكور في كتب التفسير في ذلك فإنما هو من الأخبار المتلقاة عن أهل الكتاب والله أعلم بصحتها ، والأمر في ذلك محتمل .
وقد ذكر القرطبي رحمه الله في كتابه الجامع لأحكام القران الأقوال الثلاثة :
- القول الأول : ( فيروى أن سليمان تزوجها عند ذلك وأسكنها الشام ; قاله الضحاك .
وقال سعيد بن عبد العزيز في كتاب النقاش : تزوجها وردها إلى ملكها : باليمن ، وكان يأتيها على الريح كل شهر مرة ; فولدت له غلاما سماه داود مات في زمانه . وفي بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كانت بلقيس من أحسن نساء العالمين ساقين وهي من أزواج سليمان عليه السلام في الجنة ).
- القول الثاني ( وقال محمد بن إسحاق ووهب بن منبه : لم يتزوجها سليمان ، وإنما قال لها : اختاري زوجا ; فقالت : مثلي لا ينكح وقد كان لي من الملك ما كان . فقال : لا بد في الإسلام من ذلك . فاختارت ذا تبع ملك همدان ، فزوجه إياها وردها إلى اليمن ، وأمر زوبعة أمير جن اليمن أن يطيعه ، فبنى له المصانع ، ولم يزل أميرا حتى مات سليمان )
- القول الثالث:.(وقال قوم :لم يرد فيه خبر صحيح لا في أنه تزوجها ولا في أنه زوجها) .
وهذا الثالث هو الأرجح والأسلم كما قال تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) فما دام لم يرد فيه خبر صحيح ، فالصحيح هو السكوت .
ولو كان في ذلك علم نافع لأخبرنا الله به واطلعنا عليه ، فأما إذا سكت عنه ولم يبينه علمنا أن ليس في ذلك علم نافع ، فلا ينبغي التشاغل به ، بل الأولى الانصراف إلى ما هو نافع .
والله أعلم