نعم يؤثر ذلك غالباً لأن معاملة الأسرة للطفل (الوالدان والأقارب) وأحياناً الناس المحيطين بع كذلك والمجتمع تختلف مع الأطفال بحسب ترتيبهم في الأسرة، كما أن هناك تأثير لا نستطيع تجاوزه والتغاضي عنه للصورة النمطية التي يتربى عليها الأطفال... كيف؟
- يتعامل الأهل مع الطفل الأكبر عادة مطبقين كل ما تعلموا من قوانين التربية الحديثة، فتخوض الأم في عالم الأمومة والطفولة والتربية وتغرق نفسها بالقراءة والسؤال عن أفضل الطرق للتعامل مع طفلها القادم منذ أن تعلم أنها حامل به، وكذلك الأب تراه يتعلم عن أساليب التربية الجيدة ويبدأ في رحلة البحث عن أفضل الألعاب لتنمية ذكاء طفله وأفضل المدارس، كما نلاحظ أن الأهل يعتنون بهذا الطفل بشكل كبير جداً من الناحية الصحية، فتراهم يلفونه بالبطانيات عند الخروج مثلاً لذلك نلاحظ أن مناعة الطفل الأول في العائلة تكون غالباً أضعف من مناعة إخوته الباقين وأنهم يصابون أكثر بأمراض معينة كأمراض الجهاز التنفسي والربو. بشكل عام يكون الطفل الأكبر في الأسرة عادة أكثر أدباً والتزاماً من باقي إخوانه، ويصبح أكثر تحملاً للمسؤولية عندما يأتي إخوانه الآخرين للعالم، فيشارك والديه في تحمل بعض المسؤولية، فترى الأهل يطلبون منه القيام ببعض المهمات لأخيه بحسب عمره، وقد ينتج لديه أحياناً بعض الغيرة طبعاً... لكن شخصية الابن الأكبر في العائلة تكون جيدة بشكل عام ويمكن للآخرين الاعتماد عليه، كما أنه ملتزم بالقوانين وعادة يحصل على شهادات جيدة ويعمل في مناصب إدارية وينجح فيها. وينطبق هذا الأمر علي حرفياً؛ فأنا الفتاة الكبرى في الأسرة وأجد نفسي ملتزمة بالقوانين ومتحملة للمسؤولية أكثر من اخواني الباقين.
أما بالنسبة للطفل الأوسط فتبدأ مع مجيئه همة الوالدان تخف شيئاً فشيئاً، فيقل حماسهما للالتزام بحذافير معايير التربية السليمة والخوف الزائد عليه، فيكون مستقلاً أكثر، وينافس الطفل الأكبر -الذي يحتل مكانة خاصة من الصعب أن ينافسه عليه أحد عند والديه- في التقرب مع والديه والحصول على ما يريد منهما مما يجعله يجرب كل الطرق ويكون دبلوماسياً للوصول إلى مبتغاه وهذا يزيد من ذكائه العاطفي، فتراه عندما يكبر يكون هو الأنجح في العمل بين زملائه، والأفضل في تكوين العلاقات الجيدة، والأقدر على التفاوض... فيناسبه العمل في مناصب تتطلب التعامل مع الجمهور أو التفاوض كما أنه أفضل في العمل ضمن فريق.
بالنسبة للطفل الأصغر... فهو الطفل المدلل، الذي لو لم يدلله والداه اللذان "انطفأ قلبهما" من الأطفال، سيدلله إخوانه أو أفراد العائلة والمعارف الباقين، أو قد يدلل نفسه بنفسه... تتميز شخصيته بأنه معتاد على كسر القوانين غالباً، ولكنه أكثر إبداعاً، مما يجعله مؤهلاً لشغل مناصب تحتاج للإبداع عندما يكبر كالكتابة والتمثيل... كما أنه عادة يتميز بخفة الظل والرغبة بالضحك والمرح والتسلية.
وأخيراً... يتميز الابن الوحيد بأنه يجمع بين صفات الابن الأكبر والأصغر.
- أما تأثير الصورة النمطية فيتلخص بأن ينطبع في عقل الطفل الأكبر أن عليه أن يتحمل مسؤولية أكبر ويكون الأفضل لأنه الأكبر سناً من إخوته الباقين، ومن العيب أن يحصل أخوه الاصغر منه على علامات مرتفعة أكثر منه مثلاً، أو حتى -في عالم الفتيات- أحياناً تشعر الفتاة الكبرى بالخجل وبعض الغيرة لو تزوجت أختها التي تصغرها سناً قبلها، لأن هناك صورة نمطية مجتمعية تشكلت لديها منذ صغرها بسبب تأثير الأهل والمحيطين ووسائل الإعلام والمسلسلات والأفلام... بأنه يجب على الأخت الكبرى أن تسبق الأخت التي تصغرها عمراً في كل شيء ومن هذه الاشياء الزواج والإنجاب...
طبعاً يقل تأثير ترتيب الطفل في الأسرة كلما قلت الفجوة في التعامل بين الأطفال، وتعامل الأهل والمحيطين مع الأطفال جميعاً بنفس الطريقة، كما أن هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر في تكوين شخصية الطفل.