نعم أنا مع هذه المقولة, لايعرف الوطن إلا من عرف الغربة, فالإنسان قد لايشعر بكثير من النعم من حولة إلا في خال فقدها, والوطن كذلك لايمكن أن نشعر بقيمته إلا بعد الغربه عنه , وينتج هذا الشعور غالباً نتيجة الفوارق والإختلافات بين المجتمعات, فما نجده من إختلاف للعادات والتقاليد والقيم, وحتى أسلوب المعيشه, وطباع الأشخاص الذي نتعامل معهم كله يعمل على شعور الإنسان بالغربه, وفقدانه لشيء يشكل جزء من شخصيته وهويته, والأنسان في وطنه, يشعر بالأمن والسلام النفسي والجسدي حتى, ويمكن أن نقول بأن الغربة بيئه مناسبه للتعرض للتعصب والتنمر والعنصريه, وهذه طبيعه مجتمعات لا ننكرها في كل الدول مهما تطورت ومهما تقدمت (فالمغترب عن وطنه عرضه لمثل هذه السلوكيات لوجود التعصب والعنصرية بشكل كبير في المجتماعات المختلفة) , إلا أن هذه الأمور لن تكون موجوده وموجهه لك بشكل خاص في وطنك ودولتك .
فالوطن, مكان أمن, يحمل ذكريات في كل مكان, له رائحة مميزة, فيه طقوسه المميزه والتي قد يفقدها الإنسان في غربته في مختلف المناسبات , فالغربه تعني الوحده وإن كانت الغربه مع العائلة (الأسرة) إلا أنك تفتقد جانب كبير من التفاعل الأسري على المستوى الأكبر, وتقتصرها في الغربه على الأصدقاء فقط.
ويمكن أن نحاكي موضوع الغربه عن الوطن بأمر خروجك من منزلك الخاص والمكوث مثلاً عند أحد الأقارب لسبب من الأسباب فالمنزل هنا قد نعتبره الوطن الصغير الخاص بك, فما قد تشعر به من مشاعر الرغبه في العوده إلى المنزل, والشعور بعدم الراحة بأنك في مكان ليس بمكانك, وأنك مضطر للتعامل مع عادات وتقاليد البيت الذي تزوره بما يختلف مع ما تملك من عادات وتقاليد مثلا . وما تشعر به من إشتياق لمنزلك, وطقوسك الخاصة داخل المنزل, كل هذا يمثل محاكاة بسيطه عن الغربه عن الوطن فنعم الوطن نعمه كبيره لا بيعرفها إلا من تغرب عنه.